“جيروزاليم بوست” : هناك شيئا دراماتيكيا قد تغير في المجتمع الإسرائيلي بعد السابع من أكتوبر .. لا يمكن ترميمه!
ما تزال مفاعيل وتداعيات “طوفان الأقصى” تظهر شيئاً فشيئاً لناحية تأثيراتها المباشرة على المجتمع الإسرائيلي، والتي لن تقف عند حدود أو إطار زمني معين.
صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية وصفت هذه التداعيات بـ ” زلزال إسرائيل السياسي الكبير القادم بعد حرب غزة”، وقالت الصحيفة بمقالها بتاريخ 21-12-2023 “إن عملية السابع من أكتوبر أدت إلى ظهور تحول جذري في المشهد السياسي في إسرائيل بشكل مؤكد”. وأضافت الصحيفة، “هناك شيئا دراماتيكيا قد تغير في المجتمع الإسرائيلي، فإسرائيل 20 كانون الأول/ ديسمبر ليست إسرائيل 6 تشرين الأول/ أكتوبر، والجميع يدرك ذلك، فقد تضررت ثقتها بنفسها، واهتز إحساسها بالأمان، وتحطمت ثقتها في قادتها السياسيين والعسكريين”.
غضب الجمهور على الحكومة
أضافت الصحيفة : هناك غضب شديد على الحكومة – كيف يمكن أن يحدث هذا؟ فكيف يمكن لإسرائيل أن تفشل فشلا ذريعا إلى هذا الحد؟. وقالت الصحيفة : أن أحد مؤشرات الغضب المتصاعد هو إحجام وزراء الحكومة وأعضاء الكنيست عن الظهور العلني، ليس هناك الكثير من السياسيين البارزين يزورون الجرحى في المستشفيات أو حتى يحضرون الجنازات هذه الأيام، وهي مجاملات شائعة في الماضي، بسبب القلق من ردود الفعل التي سيواجهونها.
وبحسب الصحيفة، من المستحيل بالنسبة لنتنياهو أن يتجاهل هذا الغضب الذي سوف يتفجر حتماً في شكل طوفان من الاحتجاجات والمظاهرات عندما تتضاءل حدة القتال في غزة ويعود جنود الاحتياط من غزة.
هل سبق أن واجهت “إسرائيل” كارثة مشابهة؟
في هذا السياق، تقول “الجيروزاليم بوست” أن إسرائيل مرّت بشيء مماثل من قبل، ولهذا السبب يمكن القول إن زلزالاً سياسياً في طريقه إليها. ففي تشرين الأول/أكتوبر 1973، واجهت “إسرائيل” كارثة مماثلة، قلبت المجتمع رأسا على عقب، وتسببت في الغضب الشديد والإحباط وآلاف الضحايا. وفي الانتخابات التي أجريت بعد شهرين فقط من الحرب، وهي الانتخابات التي تم تأجيلها خلال الحرب، خسر حزب غولدا مائير الحاكم بقيادة حزب العمل، وهو الحزب الذي هيمن على سياسة البلاد منذ تأسيسه، خمسة مقاعد وانتزع حزب الليكود بزعامة مناحيم بيغن سبعة. واستقالت مائير بعد بضعة أشهر، وانتُخب إسحق رابين زعيما لحزب العمل، وتولى منصب رئيس الوزراء.
وأضافت الصحيفة أن إخفاقات تشرين الأول 1973 ساعدت في ظهور بيغن وسيطرة الليكود على السياسة طوال معظم الأعوام الخمسين التالية، وبنفس المعنى، من العدل التنبؤ بأن إخفاقات أكتوبر 2023 ستؤدي إلى نهاية قبضة الليكود الطويلة على السلطة. وبحسب الصحيفة، تظهر معظم استطلاعات الرأي أن حزب الوحدة الوطنية بزعامة بيني غانتس يتقدم بفارق كبير على أي من الأحزاب الحالية في الكنيست…
هل تجري انتخابات مبكرة ؟
تقول الصحيفة أنه ومع اقتراب حكومة نتنياهو الحالية من الذكرى السنوية الأولى لتأسيسها في 29 كانون الأول، ربما يقول بعض أنصار الليكود: “ما كل هذا الحديث عن انتخابات جديدة، وما زال أمامنا ثلاث سنوات متبقية؟”
وأكدت الصحيفة، “أن الاعتقاد بأن الحكومة الحالية ونتنياهو قادران على الصمود في وجه غضب الجمهور وإحباطه والاستمرار في ولايتهما، أو حتى الاقتراب من استكمال ولايتهما، هو انغماس في التمنيات الخيالية”. وقد أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد الديمقراطية، “أن ما يزيد قليلا عن ثلثي الجمهور يعتقدون أنه ينبغي إجراء انتخابات جديدة مباشرة بعد الحرب”. فقد أصبح واضحاً أن اليساريين والوسط يرغبون بانتخابات فورية، فإن ما يثير الدهشة هو أن 51.5 بالمئة من أولئك الذين يعرفون أنفسهم على أنهم يمينيون يريدون رؤية انتخابات جديدة أيضا، مما يدل على مدى وجود انتخابات جديدة. هو الغضب والرغبة في محاسبة المسؤولين.
ما السبيل الى انتخابات مبكرة؟
بحسب الصحيفة، السبيل الوحيد لإجراء انتخابات جديدة الآن هو أن يحل الكنيست نفسه نتيجة لخسارة الائتلاف لأغلبيته وعدم قدرته على تمرير التشريعات. ولكن هناك طريقة أخرى لإسقاط الحكومة، وذلك من خلال التصويت البناء لحجب الثقة، حيث يصوت 61 عضو كنيست بسحب الثقة من الحكومة الحالية ويتفقون على رئيس وزراء جديد، يُعهد إليه بعد ذلك بمهمة الحكومة.
ووفقاً لإستطلاع أجراه معهد الديمقراطية الإسرائيلي (IDI)، قال 44 بالمئة من السكان إنهم سيشاركون في المظاهرات إذا اندلعت موجة من الاحتجاجات بعد الحرب لتحميل المستوى السياسي والعسكري المسؤولية. ومن المثير للاهتمام أن 28 بالمئة من ناخبي الليكود قالوا إنهم سيشاركون في هذه المظاهرات”. وتشير أرقام الاستطلاعات هذه إلى أن قسما كبيرا من الجمهور، بعد الحرب، لن يسمح للمشهد السياسي بالعودة إلى ما كان عليه قبل الحرب.
