حزب الله وسلاح الردع الإستراتيجي .. سلاح المدفعية نموذجاً حاضراً في المعركة
كتب حسين مرتضى ..
منذ انطلاق العمل المقاوم في لبنان كان التركيز على بناء قدرات المقاومة العسكرية حيث وضعت قيادة حزب الله خارطة طريق لتطوير إمكانيات المقاومة بهدف فرض معادلة للمواجهة مع العدو ومع مرور الوقت تنامت قوة المقاومة لتشكل حالة فريدة في العمل العسكري.
لقد تمكن حزب الله من تأسيس وحدات مقاتلة تستخدم مختلف أصناف الأسلحة ومن بين تلك الوحدات الهامة كانت وحدة سلاح المدفعية.
في العلم العسكري يعتبر سلاح المدفعية من أهم الأسلحة التي تستخدم في المعارك البرية. لقد تمكنت المقاومة ضمن الحالة القتالية التراكمية من إدخال أنواع مختلفة من السلاح بما فيها السلاح الصاروخي الذي يشكل الركيزة الأساسية لدى حزب الله.
في معركة الإسناد الحالية لجبهة قطاع غزة ظهرت أنواع مختلفة من الصواريخ شكلت صدمة حقيقية لجيش الاحتلال.
حيث تم الكشف عن صاروخ جديد جرى إدخاله الخدمة خلال معركة إسناد “طوفان الاقصى”، وهو من عائلة البركان الثقيل ويحمل اسم صاروخ “جهاد” وهو من تصميم مهندسي المقاومة فنياً وبكامل تفاصيله، وقد دخل هذا السلاح “لضرب المواقع الأمامية من ناحية مزارع شبعا، ومن ثم ثكنة هونين أو ثكنة راميم كما يطلق عليها حيث تم تحقيف إصابات مباشرة إضافة لقدرة تدميرية عالية لهذا النوع من الصواريخ التي يتم تصنيعها محلياً.
عسكرياً إذا تم استخدام هذا النوع من الصواريخ ضد المستوطنات فإن خسائر كيان الاحتلال ستكون عالية جداً وبالتالي فإن صاروخ “جهاد” يعتبر سلاح ردع استراتيجي ناهيك عن الكثير من أنواع الصواريخ الدقيقة والتي لم تكشف المقاومة عنها حتى الآن. العمل المقاوم اليوم أصبح يحاكي أحدث طرق القتال إن كان من خلال أصناف الأسلحة المتنوعة أو من خلال إدارة العمليات العسكرية عبر غرف عمليات متطورة نذكر منها على سبيل الإيضاح غرفة إدارة النار لوحدة سلاح المدفعية.
وفي هذا الإطار فإن المسار التاريخي لوحدة سلاح المدفعية يقسم إلى 3 مراحل وفقاً لدوره: مرحلة 1993 لتأمين الردع مقابل غارات العدو الجوية، ومرحلة 1996 لتثبيت معادلة الردع السابقة من جديد، والمرحلة اللاحقة حتى تحرير 2000، حيث واجهت المقاومة أسلوب “العقاب يطارد الأفعى” الذي طبقه العدو ضد المقاومة، فبدأت الوحدة بتطويع الأسلحة من أسلحة ثابتة إلى أسلحة ذات استخدام تكتيكي مناسب لهذه المعركة، ولتواجه أسلوب “العقاب يطارد الأفعى” عملت المقاومة على الرمي من مرابض، يتم إخلاؤها بوقت قصير نسبياً، بواسطة منصات محمولة على آليات، تنفذ الرمية وتنسحب.
وعلى مستوى الأسلحة والذخائر يمكننا الحديث عن ثلاثة أنواع من صاروخ بركان، الذي صممه مهندسو المقاومة الإسلامية في لبنان، وهي خفيفة ومتوسطة وثقيلة.
إضافة لصواريخ بركان فإن المقاومة تمتلك صواريخ فلق 1 (114 كلغ) وفلق 2 (250 كلغ) التدميرية النظامية، التي دخلت المعركة تبعاً لمستوى الردود التي فرضتها قيادة المقاومة، وتصل إلى أهداف حتى عمق 11 كيلومتراً، ونوه إلى أن هذه الصواريخ ضُربت فيها قاعدة إدارة العمليات الجوية الجوية في جبل ميرون (جبل الجرمق)، وكل صاروخ من هذه الصواريخ يمثل غارة جوية، وإطلاق راجمة فلق يوازي حزاماً نارياً بسلاح الجو، وهذه الراجمة هي من تصنيع مهندسي المقاومة الإسلامية. كما أن المقاومة تمتلك سلاح الكاتيوشا ورغم أنه سلاح تقليدي فقد تمكنت المقاومة من تطويره وفق ما تتطلبه المعركة.
وقد استخدمت الكاتيوشا في هذه المعركة وفق 3 طرق، الأولى ضرب مباشر لأهداف ومواقع وثكنات في العمق، والثانية عبر الاستخدام المركب مع صنوف ثانية من السلاح، أي مع المسيّرات والصواريخ الموجهة، والثالثة عبر ضرب المستوطنات مقابل أي اعتداء على البلدات والقرى في لبنان.
كما استخدم هذا السلاح بضرب القبة الحديدية عبر إعتماد تكتيك الرمي على ذات بطارية القبة الحديدية لإفراغها من صواريخها، وبعد الافراغ تكمل صواريخ الكاتيوشا الأخيرة إلى هذه البطاريات كما حصل في كفربلوم شمال فلسطين المحتلة وقاعدتي كيلع ويوآف في الجولان السوري المحتل، ووفق سياسة الإغراق، تكشف الكاتيوشا الأماكن المستحدثة للقبة الحديدية بالتعاون مع سلاح الطيران المسيّر، وقد كان ضرب القبة وإفشال عملها سبباً أساسياً بتهجير أغلب المستوطنين بالشمال، الذين كانوا يعتبرونها الملاذ الآمن النهائي.
ويعتبر العنصر البشري العنصر الأهم في وحدة سلاح المدفعية الذي يتمتع بمؤهلات علمية لازمة للعمل مع آلية ثقيلة، والتمتع بالتركيز العقلي والنفسي والفني في قلب الميدان مع الشجاعة والإقدام.
المقاومة اليوم أصبحت تمتلك قدرات متطورة تعتمد أحدث الأساليب لمواجهة كيان الاحتلال وبالتالي فإن حزب الله تمكن من فرض معادلته في ردع جيش الاحتلال على مستوى المنطقة.