رأي الصحافةسياسة

الجبهة الساخنة لحزب الله على طاولة المساومات الداخلية

مركز سونار الإعلامي، رؤية جديدة في مواكبة الإعلام الرقمي تابعونا على قناة اليوتيوب ليصلكم كل جديد

كتب المحلل في صحيفة هآرتس العبرية “تسفي بارئيل” مقالًا جاء فيه:

موعظة، صباح يوم (الأحد)، كرسها البطريرك الماروني في لبنان، بشارة الراعي، لدعوة يائسة للبرلمان في بيروت لعقد اجتماع لأعضائه والبدء في نقاشات متواصلة لاختيار رئيس جديد.

هذا هو الواجب الأول لرئيس البرلمان والأعضاء”، قال. “والامتناع عن فعل ذلك هو خيانة لحق الشعب الذي انتخبكم.

لبنان هو دولة عمرها اكثر من 100 سنة. يجب عليكم التسامي إلى هذا المستوى الرفيع وإعادته إليه”.

 

أمام الخشية من تدهور المواجهة بين “إسرائيل” و”حزب الله” إلى حرب شاملة فإن الدعوات اليائسة والمستعجلة للراعي، الزعيم الديني للطائفة المارونية والذي يشارك في الخطوات السياسية في لبنان، يوجد لها وزن كبير في أوساط الجمهور.

لكن هذا لا يزال غير كاف لتجسيد الخطوة الحيوية اللازمة في محاولة لتحييد الذعر من الحرب وبسرعة.

 

في نهاية الأسبوع الماضي، نشر في “واشنطن بوست” بأن “إسرائيل” أبلغت الولايات المتحدة أنها ستنتظر حتى نهاية الشهر من اجل استكمال الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى اتفاق جديد يبعد “حزب الله” إلى شمال نهر الليطاني.

بعد ذلك، حسب التقرير، “إسرائيل” ستقوم بتوسيع الهجمات ضد “حزب الله”. موقف “حزب الله” العلني هو أنه يوجد مكان للنقاش، لكن أي اتفاق سيكون مرتبطا بوقف الحرب في غزة.

“إسرائيل” رفضت هذا الشرط. بين الطرفين فإن القوى السياسية في لبنان وزعماء أجانب، عربا ومن الغرب، يحاولون العمل على التوصل إلى تسوية.

 

رئيس الحكومة المؤقت في لبنان، نجيب ميقاتي، يصوغ موقفه بمرونة رائعة، تلزم من يطمح إلى مواصلة تولي هذا المنصب ويحتاج إلى تأييد “حزب الله” – في الوقت الذي مطلوب فيه منه إرضاء الطائفة المسيحية غير المتجانسة، وإرضاء خصوم حسن نصر الله، رئيس المنظمة الإرهابية الشيعية.

في المقابلات التي أجراها مع وسائل الإعلام في المنتدى الاقتصادي في دافوس في الأسبوع الماضي، قال ميقاتي:

إن وقف إطلاق النار في غزة هو حجر الأساس في أي مفاوضات، وفي المناسبة نفسها أثنى على “السلوك العقلاني” لـ”حزب الله”، الذي حسب قوله، “يرى نصب عينيه مصلحة لبنان فوق أي اعتبار آخر”.

قبل بضعة أيام من ذلك أوضح ميقاتي أنه بالذات هو لا يربط الحرب في غزة بقضية لبنان. ويمكن التقدير أنه في اللحظة التي سيتبلور فيها مسار دبلوماسي متفق عليه فإن ميقاتي سيعرف كيفية ملاءمة موقفه.

 

وإلحاحية العثور على حل دبلوماسي آخذة في الاتساع أمام توسيع ساحة الهجمات المتبادلة في لبنان وفي “إسرائيل”، وتوسيع سياسة التصفيات لكبار رجال ايران و”حزب الله”.

هذه الأمور تزيد الخوف من رد شديد من قبل (السيد) حسن نصر الله. وحتى الآن يبدو أن الجهود الدبلوماسية مرتبطة بنجاح الدول الخمس التي تحملت المسؤولية عن “ملف لبنان” وهي الولايات المتحدة ومصر والسعودية وفرنسا وقطر.

القضية الأولى أمام هذه الدول كانت انتخاب رئيس جديد للبنان، لكن عند اندلاع الحرب في غزة وانضمام “حزب الله” للمعركة فقد طفت على السطح من جديد أيضا قضية تطبيق قرار الأمم المتحدة 1701، الذي ينص على إبعاد قوات “حزب الله” إلى شمال نهر الليطاني وتجريده من سلاحه. لكن الآن لا أحد يقوم بطرح هذه القضية للنقاش.

 

وسائل الإعلام اللبنانية نشرت في نهاية الأسبوع الماضي أن هذه الدول الخمس يتوقع أن تجتمع في نهاية الشهر الحالي أو بداية شهر شباط، في بيروت أو في القاهرة أو حتى في الرياض، للدفع قدما بعملية انتخاب رئيس للبنان وإبعاد “حزب الله” من جنوب لبنان.

في التقارير، تمت الإشارة إلى أنه في هذا اللقاء يتوقع أن يشارك أيضا عاموس هوكشتاين، المبعوث الخاص للرئيس الأميركي، الذي بشكل رسمي هو المسؤول عن موضوع الطاقة، لكن فعليا تم إلقاء عليه مهمة التوصل إلى اتفاق بهدف تهدئة جبهة لبنان – إسرائيل.

توجد أهمية كبيرة لمشاركته في اللقاء، لأن مشاركته تعني رفع مستوى المحادثات وأيضا تدخلا مباشرا للبيت الأبيض، وليس فقط وزارة الخارجية الأميركية التي تمثلها السفيرة الأميركية الجديدة في لبنان ليزا جونسون.

الافتراض الأساسي في واشنطن هو أن المفاوضات السريعة بين “إسرائيل” ولبنان حول ترسيم الحدود بين الدولتين واتفاق نهائي حول الحدود، ستحيد ادعاءات “حزب الله”.

الادعاء الأساسي فيها هو أن “إسرائيل” ما زالت تحتل أراضٍ من لبنان، وهو الوحيد الذي يمكنه تخليص هذه الأراضي من يدها.

 

خط للحدود متفق عليه هو ضروري أيضا من اجل أن يقوم لبنان، الذي لا يعترف بـ”الخط الأزرق” الذي تم وضعه في العام 2000 عند انسحاب “إسرائيل” كحدود دولية، بنشر جيشه على طولها.

 

عندها يمكن أن تطلب بيروت من “حزب الله” سحب قواته عن الحدود. لكن التهديد بتوسيع الحرب لا يمكن أن ينتظر حتى تبدأ إسرائيل ولبنان في النقاشات حول ترسيم الحدود، أو إنهاء المحادثات من اجل يبدأ الانتشار الجديد للجيش اللبناني و”حزب الله”.

“إسرائيل” تقول وبحق إن إبعاد “حزب الله” يخضع للقرار 1701 الذي أنهى حرب لبنان الثانية، وهو غير مرتبط بترسيم الحدود.

لكن حتى لو أن التقدير الأميركي يفيد بأن المفاوضات حول ترسيم الحدود يمكن أن تتم بشكل متواز وتساعد على المطالبة بإبعاد “حزب الله”، إلا أنه يجب الآن أيضا التغلب على العلاقة التي يصمم عليها “حزب الله” بين ترتيبات الحدود والحرب في غزة.

 

خصوم “حزب الله” السياسيون يطرحون تخوفا آخر وهو أن حسن نصر الله يمكنه ابتزاز القيادة في لبنان و”الخُماسية” للحصول على تنازلات بخصوص هوية الرئيس الجديد، مقابل الموافقة على إجراء المفاوضات وإبعاد قواته عن الحدود.

 

في مقابلة مع صحيفة “السياسة” الكويتية في نهاية الأسبوع الماضي، قال رئيس حزب الكتائب المسيحية في لبنان، سامي الجميل، “في خلفية الحوار بين (حزب الله) و”إسرائيل”…

 

يوجد خوف كبير من أن يتم التوصل إلى اتفاق على حساب سيادة لبنان، وأن يحصل (حزب الله) على لبنان كهدية على استعداده للانسحاب من الجنوب.

الجميل الذي هو العدو اللدود للمنظمة الشيعية، هدد بأنه إذا حدث ذلك “نكون نضحي بلبنان الذي كان منارة العالم العربي”.

الجميل قال في المقابلة أيضا، إنه تعرض لتهديدات على حياته، وإنه “يعرف جيدا من أين تأتي هذه التهديدات”.

ترجمة تحذيراته الفعلية هي أنه إذا حصل (السيد) حسن نصر الله على رئيس يروق له، سليمان فرنجية المقرب من الحزب مثلا، فإن لبنان سيكون في كفة يد “حزب الله”.

عندها لن يكون أي شيء يمكنه أن يوقف نفوذ ايران، ولن تستطيع أي قوة المطالبة بنزع سلاح “حزب الله”، الذي بواسطته سيفرض قوته على الدولة.

قضية الإنجازات السياسية التي يطمح “حزب الله” إلى الحصول عليها لنفسه مقابل سحب قواته من منطقة الحدود لم تغب عن عيون زعماء “مجموعة الخمس”.

لكن هذه المجموعة منقسمة فيما بينها حول مسألة كيف سيتم الدفع قدما بالعملية الدبلوماسية بالصورة الأكثر نجاعة وسرعة.

 

فرنسا مثلا، عرضت في أيلول الماضي اقتراحا يقول، إن الرئيس سيكون سليمان فرنجية، المفضل عند “حزب الله”، لكن رئيس الحكومة القادم سيكون قائد الجيش جوزيف عون الذي كما يبدو سيكون ثقلا موازيا لتأثيره.

قبل شهر عندما احتدمت المواجهة بين “إسرائيل” و”حزب الله” طرحت فرنسا اقتراحا آخر وهو تعيين فرنجية في منصب الرئيس مقابل تطبيق القرار 1701.

موقف الولايات الأميركية الحالي في هذه القضية لم يتضح بعد، في حين أن لب اهتمامها موجه للتهدئة على الحدود.

 

من غير الواضح أيضا إذا كانت السعودية، المعارضة الشديدة لـ”حزب الله”، ستوافق على تأييد الحل الفرنسي أو مساعدة لبنان فيما بعد على الخروج من الأزمة الاقتصادية إذا ترأس لبنان رئيس من قبل “حزب الله”.

إضافة إلى ذلك لا توجد حتى الآن أي ضمانة في أن تستطيع نقاشات “مجموعة الخمس” إثمار نتائج حقيقية على الأرض أمام مصفوفة القوى الداخلية في لبنان.

 

في يد أعضاء المجموعة لا توجد أي أوراق مساومة أو رافعة ضغط يمكنها أن تفرض حلا سياسيا في مسألة تعيين الرئيس، أو حل دبلوماسي يبعد “حزب الله” عن الحدود.

القرار سيكون في نهاية المطاف لـ”حزب الله” نفسه، الذي أوضح حتى الآن فقط بأنه يبقي الباب مفتوحا أمام المفاوضات.

حرب واسعة مع “إسرائيل” لن تخدم مصالحه السياسية، لكن من اجل تحقيقها فإنه ما زال يحتاج إلى “جبهة ساخنة” تستخدم الضغط على خصومه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى