استراتيجية

مصدر القلق الغربي للقاء قمّة الزعماء …

مركز سونار الإعلامي، رؤية جديدة في مواكبة الإعلام الرقمي تابعونا على قناة اليوتيوب ليصلكم كل جديد

قلق غربي حيال تطوّر التعاون العسكري بين روسيا وكوريا الشمالية، وكيم لبوتين: “معكم في الحرب على السياسات الاستعمارية”، فما تبعات المواجهة مع الغرب، ولماذا واشنطن تخشى هذا اللقاء الذي جمع بين الزعيمين الروسي والكوري الشمالي؟

اختيار الزعيم فلاديمير بوتين موقع في قاعدة فوستو شني بأقصى الشرق للقاء زعيم كوريا الشمالية، رسالة واضحة للغرب وفي مُقدّمها الولايات المتحدة الأمريكية، إذ تبدو الإشارة لها دلالات عديدة وأهداف تتعلّق باستعادة الخبرات الروسية لتطوير برنامجها الفضائي.

طبعا من هذه البوّابة الفولاذية أتت جولة بوتين وكيم على هذة المنشآت حيث اطّلع الرئيس الكوري على تطوّر الصناعة الفضائية في روسيا ، وهنا نقطة لافتة جداً ينظر إليها الغرب على أنه الخطر المُحدق بها، كما يرى فيها تحوّل خطير استناداً لصراحة العلاقة التي تجمع بين البلدين، وتحديداً صراحة زعيم كوريا الشمالية بخصوص تطوّر العلاقات وما ستشهده لاحقاً، أي التقنيّات الفضائية التي تحدّث عنها بوتين في لقاء مُتلفز بخصوص إمكانية روسيا للتعاون العسكري مع كوريا الشمالية بالرّغم من العقوبات الدولية المفروضة على كل منهما، في حقيقة الأمر تعتبره واشنطن تجاوزاً في الخطوط الحمراء ، والجميع يعلم أنّه يحق لواشنطن أن تتخطّى الخطوط ولكن لا يحق لغيرها، إذ ألمحت بالامتعاض ووصفت اللقاء في إطار حصول إتفاق بشأن صفقة أسلحة كورية شمالية لدعم روسيا عسكرياً في أوكرانيا ..

الولايات المتحدة الأمريكية منذ بدء العملية العسكرية الخاصّة بروسيا، وهي تقوم بدعم زيلنسكي عسكرياً وبالعموم أوكرانيا، وتمُدّها بالسّلاح المُحرّم دولياً وغير ذلك وأكثر لتدمير روسيا والقضاء عليها، بهذه الجزئيّة الجمل لا يرى حردبته، أي واشنطن لا ترى تجاوزاتها في الخطوط الحمراء مُتخطّية بذلك مجلس الأمن وكل من يؤيّد عنصريّتها في المجتمع الدولي، ومع ذلك لا يعتبرون هذا تجاوزاً حتى لمثياق الأمم المتحدة وللقوانين الدولية التي تتشدّق بها مع الخصوم، ألا يُعتبر هذا اختراقاً دوليا وإقليميا لانتهاك حُرمته؟

روسيا بالرغم من الأخطاء السياسية التي ارتكبها الغرب وحماقة الولايات المتحدة، إلا أنها مُلتزمة بقراراتها السابقة ، ولكن قد تكون روسيا اليوم بعد القمّة ليست كسابقها لأسباب عديدة وهادفة، وذلك من خلال ما أكده بوتين في اللقاء وقال أن تطوّر العلاقات ببيونغ يانغ سيُثمر، لا سيّما أنهما يعملان على نهج تحقيق السلام والإستقرار والإزدهار في المنطقة، وهذا لا يريده الغرب، لأن مشهد الاستقرار أو سياسة الإستقرار في المنطقة يُسبّب لها صُداع عنصري يؤدّي إلى هيستيريا تعصف بالبيت الأبيض والغرب بالعموم، وتحديداً بعدما شدّد كيم أون على دعم روسيا غير المشروط بالإجراءات التي اتّخذتها الحكومة الروسية دفاعاً عن سيادتها ومصالحها الأمنية، وبالتالي الولايات المتحدة لا تفهم لغة الاستقرار ولا تفهم حتى بلغة السيادة والإحترام، لأنه ليس موجودا في قاموس مجلسها الأمني الذي ترعرع على مصّ دماء الشعوب العربية، ورأى الجميع سياسة التعطّش لسفك المزيد من الدماء في المنطقة، أي واشنطن ومن خلفها الغرب لديهم سياسة واحدة فقط تنتهجها، وهي سياسة مصّاصي الدّماء يستخدمونها في المنطقة للترهيب والخضوع ، وهذا طبعا لا تقبل به لا روسيا ولا كوريا الشمالية ولا غيرهم من الدّول التي تحترم مبادئها ولا تخضع لأوامر الغرب.

لذالك اليوم ينتابها قلق مُدمّر حيال ما قد توفّره كوريا الشمالية لروسيا ، وما إذا تمّ التعاون العسكري في النقاش على هذا المستوى، وما قد يكون لهذا مآلات هو أن كان في اللقاء خطاب الصراحة والعلن المُطلق في بعض المعدّات الفضائية وما يتعلّق بالتكنولوجيا والغوّاصات النوويّة والصواريخ بعيدة المدى، أيضا القلق المُدمّر لواشنطن هو ما ستوفّره روسيا لكوريا الشمالية، وبالتالي هذه جزئيّة هامّة بالنسبة للولايات المتحدة، ما يُفضي بأن قد تكون روسيا أو هذه القمّة تحمل مفتاح الحسم العسكري للحرب في أوكرانيا.

وطبعا في حال كان هناك شيئٌ من هذا القبيل، فسيكون هناك تغييرات جذريّة على اعتبار كان كل شيء في هذا اللقاء بصريح العبارة وعلى المكشوف وبالدليل الصاخب، ما يعني بأن كلّاً من الزعيمين يحمل في جُعبته برنامج حديث للتعامُل مع الغرب قد يكسر المعادلات الاستراتيجية على أرض الواقع في هذه المواجهة، لأنه يُمكن القول بأن هذه القمّة قد تفتح تحالفات على مستوى الصين، وبالتالي يكون لها عنوان عريض يحمل التحالف الثلاثي، وهذا قد يُغيّر من موازين القوى في الحرب بأوكرانيا وفي المنطقة بالعموم ، بما أن إرهاصات التعاون بين روسيا والصين وكوريا الشمالية تحمل معايير ثقيلة على مسامع الغرب الذي يترقّب نتائج القمّة، وتبعاتها وتأثيراتها بالمُجمل على المنطقة.

أمّا فيما يخُصّ التقاير التي تقول بأن روسيا ستُشارك بيونغ بعد هذه القمّة بتكنولوجيا الأقمار الصناعية لأغراض تجسّسية وإلى ما هنالك من عتاد عسكري، نقول بأن السياسة الأمريكية تجاه موسكو سياسة عدوانية وعدائية خصوصا في أوكرانيا وما يجري بها من أحداث ضد روسيا، إضافة للعقوبات التي تجاوزت حدّها، وبالتالي الغرب والولايات المتحدة هُم من دفعوا بروسيا إلى هذا الأمر ، وكذا الأمر مع كوريا الشمالية التي بلغت عقوباتها منذ أكثر من ٣٠٠ عام، لنقُل خلال الفترة الزمنية، هذا أحد أوجُه التشابُه في معادلة التقارُب الجذري بين البلدين، ما دفعهم إلى التعاون الاستراتيجي، وهذا ليس غريبا، لأن هناك علاقة استثنائية تجمع كلا البلدين معاً، وبالتالي هذه الضغوطات التي تُمارَس على روسيا وكوريا الشمالية تُحدّد ما يحكُم الموقف في المرحلة المُقبلة التي تشي بتغيير قواعد اللّعب، ما لم يكُن تحطيم الخطوط الحُمر.

“رنا العفيف”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى