التقرير السياسي اليومي
الموافق فيه 16 نيسان 2024
✍????بعد يومين من الهجوم الانتقامي الإيراني الذي استهدف إسرائيل بمئات الصواريخ والمُسيّرات، وفيما تسعى طهران إلى تعزيز إنجازها الاستراتيجي المتمثّل في إعادة بناء قوتها الرادعة، تستمر التكهنات حول كيفية ردّ إسرائيل المحتمل على الهجوم. وفي الوقت نفسه، تتزايد المشاورات الدبلوماسية لمنع تصاعُد التوتّر.
على الجبهة الجنوبية، اختبرت قوات العدو الإسرائيلي نمطا جديدا – قديما من المقاومة الإسلامية أمس، مع تفجير حزب الله عدداً من العبوات الناسفة بقوة إسرائيلية لدى تجاوزها الحدود اللبنانية، ودخولها منطقة تل إسماعيل المتاخمة للحدود مع فلسطين المحتلة ما أدى إلى وقوع عدة إصابات خطيرة في القوة المعادية المتسللة.
???? صحيفة الأخبار كتبت تقول: أنهت إيران ردّها الواسع على قاعدتَين جويتَين إسرائيليتَين داخل فلسطين المحتلّة، بعد تمهّل استمر أياماً في أعقاب استهداف إسرائيل قنصليتها في دمشق، لتترك الكرة في ملعب تل أبيب، التي تتصارع مع نفسها وشركائها الأميركيين إزاء أصل الردّ على الردّ، وعلى طبيعته ومداه، في إطار معضلة تقدير موقف ثنائية: ضرورة الردّ لإعادة ترميم مكانة الدولة، وضرورة أن لا يؤدي الردّ إلى ردود مقابلة يبدو أن إسرائيل تقدّر من الآن حدوثها، وقد لا تقتصر على الجبهة الإيرانية. هكذا، وخلافاً لوضع إيران في مرحلة الإعداد لردّها، فإن تأخُّر إسرائيل في الردّ على الردّ، يعبّر عن المعضلة المشار إليها، وعن عوائق مانعة، أكثر من كونه تأمُّلاً وبحثاً في خيارات، وذلك بعدما تحدّثت تل أبيب عن ردّ «محتوم» عندما كان الردّ الإيراني لا يزال في مرحلة الحرب النفسية التي أجادها الإيرانيون.وعلى رغم أن التهديد الإسرائيلي قبل الهجوم الإيراني جاء ليخدم هدفاً ردعيّاً، إلا أنه كان ولا يزال يعبّر عمّا يجب على إسرائيل فعله في المقابل للحؤول دون تكرار الهجمات. والواقع أن هناك الكثير ممّا يمنع الردّ على الردّ، أو في حدّ أدنى يحول دون رفع مستواه إلى الحدّ الذي يعيد إلى إسرائيل مكانتها الردعية، وهو أهم أهداف أيّ ردّ قد تلجأ إليه. وفي هذا السياق، فإن لدى إسرائيل مروحة خيارات نظريّة قد تلجأ إلى أحدها، فيما هناك مروحة موانع أيضاً، فضلاً عن التجاذب الحالي في قرارها، والذي يستند إلى معادلة الجدوى مقابل الكلفة، علماً أن الكلفة نفسها غير يقينية، في ظلّ ترجيح رد إيراني جديد على الرد الإسرائيلي، أي إعادة الكرة مرّة أخرى إلى ملعب تل أبيب، التي سيكون عليها في حينه أن تتّخذ قرارات أصعب وأكثر إحراجاً ممّا هو عليه الحال الآن.
وضمن الخيارات الإسرائيلية (المتناسبة)، إمكانية توجيه ضربة صاروخية توازي الضربة الإيرانية، ضد قاعدة عسكرية أو اثنتَين إيرانيتَين، أو أن تنفّذ هجوماً جويّاً خاطفاً من خارج الأراضي الإيرانية، أو ضربة عبر سلاح البحر والغواصات الإسرائيلية، سواء كانت صاروخيّة أو غيرها، على أهداف بحرية و/ أو برية إيرانية. أما الضربة الأمنية، مع بصمة إسرائيلية منخفضة، واردة أيضاً، وهو ما تجيده إسرائيل في حالات مشابهة. إلا أن ما يصعّب القرار على صانعه في تل أبيب، أن بلورته لا تتحدّد في الأخيرة، بل بـ«التشاور» مع الراعي الأميركي، صاحب القول الفصل في هكذا قرارات، كونه الحامي والمدافع، عمليّاً وسياسيّاً، وفق ما تأكَّد في سياق الردّ الإيراني، علماً أن إسرائيل ستكون عرضة لأضرار أكبر وأوسع وأكثر خطورة إنْ عاندت وتحدّت الإرادة الأميركية في الدفع نحو منع التصعيد الإقليمي الذي لا يخدم أجندة واشنطن في هذه المرحلة.
وفي هذا العامل تحديداً، الذي يُعدّ أكثر أهمية من أيّ عامل آخر، ثمة لغط تجدر إزالته بالآتي:
– لن تعارض أميركا، إسرائيل، في توجيه ضربة إلى إيران، صغيرة أو كبيرة، لو قدّرت أن تبعاتها محدودة، وأن الكلفة أقلّ من الجدوى فيها، ليس ربطاً بالمصالح الأميركية فحسب، بل وأيضاً بأثمان تقدّر واشنطن أن تل أبيب ستدفعها، وهي جزء لا يتجزأ من مصالحها هي.
– لو قدّرت أميركا أن تداعيات الضربة الإسرائيلية منتفية أو محدودة أو يمكن تحمّلها، وأن لا مخاطرة فيها، فستكون هي مَن يدفع إسرائيل إليها.
– لو قدّرت إسرائيل أن تداعيات هجومها ضدّ إيران محدودة مع ثمن منخفض وبلا ردود فعل قاسية أو مخاطرات، لن تستمع إلى التحذيرات الأميركية، وستلجأ إلى تنفيذ اعتدائها بلا إبطاء.
لكن هل يعني ذلك أن إسرائيل ستحتوي الضربة الإيرانية؟ هذا الأمر مشكوك فيه؛ فدافع تل أبيب يصل إلى السماء، وإنْ كانت العوائق كثيرة ومن شأنها الحؤول دون بلورة الردّ على الردّ سريعاً. وفي مطلق الأحوال، وفي سياق اجتراح قرارات الردّ على أفعال عدائية، سواء كانت آتية من دول أو من كيانات غير دولتية، تبحث طاولة القرار في ما بعد الردّ، مع تحديد ماهيته ومستواه، وإلى أيّ مدى يدحرج الردود بين الجانبَين، وهذه هي حالة إسرائيل الآن، كونها تعلم أن ردّها على الردّ سيؤدي إلى ردّ إيراني مقابل، الأمر الذي سيضعها في الموقف الحالي من جديد، مع أثمان أعلى وأكثر تأثيراً. وفي المقابل، لن تنتهي مفاعيل سلّة الفوائد الاستراتيجية التي تتلقّاها إيران جرّاء ردّها على الهجوم الأخير، في حال تنفيذ التهديد الإسرائيلي، بل ستزداد العوائد في أعقابه، خاصة إن قرّرت طهران الرد على الرد الإسرائيلي.
????صحيفة البناء كتبت تقول: رغم الصورة التي أظهرها الردّ الإيرانيّ من حجم قدرة إيران على إلحاق الأذى بالكيان، إذا قررت توجيه ضربات تتجاوز مجرد توجيه الرسائل. وعلى رغم النصائح الأميركية البريطانية لرئيس حكومة الاحتلال باستغلال صورة إسقاط نسبة كبيرة من الصواريخ والطائرات المسيّرة الإيرانية للاحتفال بالنصر بدلاً من التصرّف كأنه مهزوم تلقى صفعة قاسية يبحث عن رد، يمكن أن يورّطه ويورّط معه الحلفاء بما هو أصعب وأشد قسوة، يبدو أن نتنياهو لا يزال يعتقد أن ربط مقطورة حكمه بقطار مواجهة إيرانية أميركية مفترضة ولو على وتيرة منخفضة، أفضل من العودة الى مواجهة تعقيدات واستعصاءات حرب غزة، حيث لا فرصة لنصر عسكريٍّ بائن ولا لتسوية سياسية تحفظ ماء الوجه، بينما تتيح هذه المواجهة إمكانية تسوية تضيع فيها التنازلات المطلوبة لوقف حرب غزة، ويختبئ فيها نتنياهو خلف أميركا ويعذره الرأي العام على أي تنازلات طالما أن الكبار يفعلون.
أمس، استحصل نتنياهو على رخصة الرد من مجلس الحرب ووضعها في جيبه، وبدأ يبحث عن ردّ لا يُحرج واشنطن، تحت عنوان الردّ الذي لا يتسبب بحرب، وذلك سعياً لضمان تماسك الحلف مع واشنطن، ولو التزمت أميركا عدم المشاركة في الرد. فالمهم هو التزامها بالمشاركة في الرد على الرد، وهذا ما سمعه من القيادات العسكرية الأميركية التي أكدت أن أولويتها لا تزال الالتزام بأمن “إسرائيل”.
في طهران استعداد للمواجهة تحت شعار، لا نريد الحرب، لكننا لا نخشاها وجاهزون لها إذا فرضت علينا، لكننا لن نتسامح مع أي اعتداء على السيادة الإيرانية تحت شعار تفادي الحرب. والتحذيرات الإيرانية مثلثة، أولاً لـ”إسرائيل” بأن الردّ هذه المرة سوف يكون قاسياً ومؤلماً وأضعاف ما تضمنه الرد الأول، وثانياً لأميركا ومضمونه أن طريقة التصرف الأميركية تجاه الرد الإسرائيلي والرد الإيراني عليه سوف تقرّر مصير القواعد الأميركية في المنطقة، وثالثاً لمن تسمّيهم طهران دول التسهيلات، أي الدول التي تفتح أراضيها أو أجواءها أمام الاستخدام الأميركي والإسرائيلي في أي مواجهة مع إيران، بأنها سوف تدفع ثمن هذه التسهيلات التي تقع في منزلة الشراكة في العداون على إيران.
لا يزال الردّ الإيراني على العدو الإسرائيلي يطغى على المشهد الإقليمي وسط ترقب لردة الفعل الإسرائيلية وحجمها والتعامل الإيراني مع الرد، والتداعيات المحتملة على المنطقة وبطبيعة الحال على لبنان.
وفيما استؤنف النشاط السياسيّ بعد عطلة عيد الفطر، شهدت الجبهة الجنوبية تطوّراً نوعياً تمثل بكمين نفّذته المقاومة بدورية إسرائيلية من لواء جولاني على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة.
على صعيد آخر، دعا الرئيس بري هيئة مكتب المجلس إلى اجتماع غداً الأربعاء، على أن يكون التمديد للبلديات عبر قانون يصدر من مجلس النواب حاضراً في الجلسة التشريعية التي سيتمّ الإعداد لها.
ووفق معلومات “البناء” سيطلق رئيس المجلس جولة مشاورات مع رؤساء الكتلة النيابية لتأمين نصاب انعقاد الجلسة للتمديد للمجالس البلدية. لكن مصادر القوات اللبنانية لفتت لـ”البناء” الى أنها لن تشارك في جلسة التمديد، وفي موقف يندرج في إطار المزايدة على التيار الوطني الحر.
ولفتت مصادر رسمية لـ”البناء” أن التمديد للمجالس البلدية والاختيارية سيمرّ في الجلسة التشريعية التي ستحدّد قريباً لأسباب قاهرة لا سيما الأوضاع الأمنيّة والعسكرية والإنسانية في الجنوب، والتوترات الأمنية في الداخل.