رأي الصحافة

مع اقتراب ذكرى أحداث 11 سبتمبر المفتعلة… يستعينون بشمعة، وبيدهم الشمس!

مركز سونار الإعلامي، رؤية جديدة في مواكبة الإعلام الرقمي تابعونا على قناة اليوتيوب ليصلكم كل جديد

لن تتوقف خوابي الشر، وعناقيد القسوة في التفاعل طالما قضية بناء “مسجد غراند زيرو” مستمرة، والذي سُمىَ لاحقاً “مركز قرطبة الإسلامي” في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، الذي يبعد فقط خطوات من مكان احداث ايلول 11/9 المشؤومة بكل ما تثيره من ضغائن يتمنى العاقل أن يطمسها الزمن بالنسيان، ومنها الصقت تهمة الإرهاب بالمسلمين ليستفاد منها في كل عام، لتأخذ شكلاً من أشكال التظاهر بين الحرب والسلم، واختلفت الآراء بها، وحولها تعددت الصور وفشل العالم في تأطير حجمها وتبعاتها السياسية.

بيد أن الطُعْم الذي يبتلعه المسلمون في كل مرة كان سبباً لخلق مثل هذه التبعات، وتنامي نفوذ الموتورين، والمارقين المتطرفين من المسلمين والمسيحيين، وعلى الرغم من قلتهم، إنما استطاعوا أن يأخذوا حيزاً إعلاميا. وربما كان خبر بناء مسجد “غراند زيرو” الأكثر جدلاً في معظم الفضائيات الغربية والعربية، الذي تزامن الإعلان عنه مع ذكرى أحداث ايلول/سبتمبر، وقد سجل أعلى مشاهده وعلى مدى أسابيع من قبل المشاهد الغربي والعربي في آن.

إن ذلك الطُعْم، الذي قدّمه رئيس بلدية نيويورك السيد مايكل بلومبرغ المنحدر من أصول يهودية، ومن خلفه جاليته بفكرة بناء مركز قرطبة الإسلامي، والذي حظي بتأييد 9 أعضاء من البلدية نفسها، وصوت واحد معارض، وامتناع 10 عن التصويت. كان مطلب حق، يراد به باطل، وجاء ليصب الزيت على النار!
إن هذه اللعبة التي يمارسها بعض اليهود منذ ولادة عيسى عليه السلام، وظهور الإسلام من بعده، وإلى يومنا هذا، مازالوا يلعبونها، وبأشكال متعددة وبأساليب تتناسب مع طبيعة الفضاء السياسي لكل منطقة جغرافية يتواجدون بها وبالقرب من الجالية الإسلامية أينما كانوا.

ولم يكن ذاك الطُعْم يخص المسلمين وحدهم، بل تورط به الرئيس الأميركي باراك أوباما، حين قدّم دعمه للمشروع، وأصبح متهماً بالإسلام ولن ينجو منها حزبه خلال الإنتخابات النصفيه الآتيه، كما ستؤثر هذه التهمة عليه سلباً في حال رغب بالترشح لولاية رئاسية ثانية، وأصبح الآن واحد من بين كل خمسة أمريكيين يعتقد أن رئيسه مسلم.

عمدة نيويورك مايكل بلومبرغ، الذي يُعدْ المليونير رقم ثمانية في أميركا، وصاحب شركات صحافة وإعلام كبرى. وكما يعلم الجميع، حتى المواقف السياسية في أميركا تأخذ طابع البزنس، وتكون غطاء لأرباح مادية، ومكاسب تجارية، تضاف لرصيد كل من يروج لموقف سياسي معين. فهل فكرنا كم استفاد السيد بلومبرغ مادياً وحتى سياسياً من فكرة مشروع بناء مركز قرطبه، وموقفه المشرّف المتعاضد مع المسلمين !؟

كان على مستر بلومبرغ، وفي حيلولة منه تضيق الهوة بين الشرق المسلم، والغرب المسيحي كما يزعم، أن يقترح ببناء مركز طبي إسلامي، على غرار المراكز الطبية اليهودية، والمعروفة بإسم جبل سيناء Mount Sinai، والتي تعتبر مشافيها من العشرة الأولى، والأكثر شهرة من بين المراكز الطبية والمنتشرة في أكثر من ولاية أميركية، والتي تحتوي هذه المراكز على مشافي، ودوائر أبحاث وعيادات تخصصية، وكليات لتعليم الأطباء كل في تخصصه.

إن كان لبضعة ملايين يهودي في العالم المقدرة على تشييد وتشغيل أكبر المراكز الطبية، فكيف لمليار مسلم وأغنياءهم، لم يرتقوا إلى مجرد التفكير في بناء مثل هذه المراكز؟ وكأنهم يستعينون دوماً بشمعة والشمس بيدهم ! إنّ بناء مركز طبي إسلامي، في مكان أحداث ايلول / سبتمبر، قد يُدمل جراح الماضي. وحتى من باب العبادة والصدقة الجارية، له أن يساعد ويعالج جميع الطوائف والجاليات وعائلات المفقودين، ويكون لأرواح الضحايا برداً وسلاماً، ويغلق باب الجدل بين الحق والباطل في قضية تفجيرات مركزي التجارة العالمية، ويقطع الطريق على المتاجرين والمستفيدين من قضايا الدين والتدين.

بقلم الكاتب عبد اللطيف المنير
كاتب سوري مقيم في أميركا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى