نظام عالمي جديد تفرضه الصين وروسيا
التقارب السعودي-الإيراني
الصحافي البلجيكي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، ايليا مغناير، في حديث لمركز سونار الإعلامي:” من المفيد التذكير بأن العلاقات الإيرانية السعودية تخللها العديد من الخطوات الإيجابية والأخرى المجمدة والأخرى السلبية. الخطوات الإيجابية تمثلت في خمسة لقاءات في بغداد في العاصمة العراقية، وثلاث لقاءات أخرى في عمان لتذليل العقبات، ولوضع خريطة الطريق أهمها عودة العلاقات السياسية والدبلوماسية التي كتبت 2016، إلا أن مشكلة فقدان الدعم الدولي الذي يتمتع بمصداقية، هذا ما منع التقارب لأن يأخذ مستوى أعلى من مستوى التي توقف عليه في العام الماضي. لذلك عندما أتى الرئيس إبراهيم رئيسي إلى بكين والعلاقات الصينية الروسية التي تطورت بازدهار الرئيس شي جينبينغ إلى الرياض، قدمت الصين نفسها كقوة إقليمية دولية تستطيع أن تقدم نموذجا يختلف كليا عن النموذج الأمريكي المحارب والمدمر. ولذلك اعتقد الطرفان عندما قدمت إيران احتمال اللقاء في عمان ولقاء في بغداد واللقاء في الصين. اختارت المملكة العربية السعودية لقاء في الصين، وهذا أيضا لأن المملكة العربية السعودية أرادت إرسال رسالة إلى أميركا أيضا من ناحيتها لأنها كانت قد سبقت رسائل متعددة اتخذتها المملكة العربية السعودية لا تعتبر إيجابية تجاه أميركا. اليوان الصيني اليوم أعطى إشارات واضحة من المملكة العربية السعودية للولايات المتحدة الأمريكية. النقطه الأولى أنها توسع خياراتها وأن أمريكا لم تعد تمتلك السيطرة الكلية على الشرق الأوسط، وبأن الدول مثل المملكة العربية السعودية لديها خيارات متعددة، وبأنها ستذهب إلى الاتفاق مع إيران”.
هل ستبقى المملكة العربية السعودية على موقفها أم لا؟
التقارب السوري-السعودي
الصين تقدم نفسها كقوة عظمى وتقدم نفسها كشريك جيد لأن الشريك الأمريكي فشل في العراق وفي سوريا وفي ليبيا وفي لبنان وفي فلسطين لأنه لا يعرف معنى السلام.
إن التقارب الروسي-السوري والسوري -السعودي هي رسائل لضعف أمريكا أو ابتعادها عن منطقة الشرق الأوسط، لأنه من الواضح بأن أمريكا لا تمتلك أي رسالة أو أي استراتيجية وأية سياسة في الشرق الأوسط.
فالرئيس جو بايدن أبقى على سياسة دونالد ترامب باحتلاله الشمال الشرقي السوري وسرقة النفط ومنع الشعب السوري من الإفادة من السلة الغذائية. على الرغم من أن التدخل السعودي والتدخل الإماراتي في سوريا قد قطع منذ بضعة السنوات عندما تبين لهم بأن النظام السوري متماسك، وبأنه لن يسكت وبأن داعش لن تنتصر، وبالتالي فإن هذا التقارب يمنحه الخطوات الأكبر والتي هي تتمثل في إعادة بناء سوريا ورفعها من مستوى الفقر المدقع التي هي فيه اليوم بسبب العقوبات الأمريكية الأوروبية الشرسة على سوريا، ولذلك التقارب مهم جدا ولكنه ناقص لأن سوريا تحتاج إلى أموال، استثمار، إعادة بناء وتحتاج إلى النفط، ولا يوجد سوى إيران التي تزودها كل خمسة عشر يوما ناقلة نفط.
ولهذا تحتاج الدول العربية إلى خطوة ليست فلكلورية استعراضية لأخذ الصور، ولكن لمساعدة سوريا على تخطي مرحلة الحرب التي هذه الدول بنفسها قد شاركت في دمار سوريا.
لن تقف الحرب الروسية الأمريكية على الأراضي الأوكرانية لأن أمريكا تتمتع بدولة تسمى أوكرانيا المستعدة للمحاربة إلى آخر جندي أوكراني.
وهنا نحن نستخدم كلمات الرئيس جو بايدن الذي كان للجمهوريين الذين فازوا في انتخابات الكونغرس عندما قالوا بأنهم لا يريدون إعطاء شيكا على بياض لأوكرانيا بأنكم أنتم الجمهوريين لا تفهمون بالسياسة الخارجية. إنها ليست قضية أوكرانيا. إنها قضية حلف الناتو. إنها قضية أوروبا الشرقية، هذا ما قاله بايدن وأكد الرئيس الأوكراني فلاديمير جيرينوفسكي بأنه هو يدافع لإبقاء الناتو متحدا.
إن هذا التقارب يتمثل في إعادة بناء سوريا ورفعها من مستوى الفقر التي هي فيه اليوم بسبب العقوبات الأمريكية الأوروبية الشرسة على سوريا. ولذلك التقارب مهم جدا ولكنه ناقص لأن سوريا تحتاج الى أموال تحتاج الى استثمار تحتاج الى إعادة بناء تحتاج الى نفط، ولا يوجد سوى إيران التي تزودها كل خمسة عشر يوما بناقلة نفط. ولهذا تحتاج الدول العربية إلى خطوة ليست فلكلورية استعراضية لأخذ الصور ولكن لمساعدة سوريا على تخطي مرحلة الحرب التي هذه الدول بنفسها قد شاركت في دمار سوريا.
الحرب الروسية-الاوكرانية
إن الولايات المتحدة الامريكية هي التي تستفيد من الحرب الاوكرانية. في حين،يؤكد الرئيس جو بايد والرئيس الاوكراني بأن هذه الحرب ليست حرب مع روسيا وأوكرانيا، إنما هي حرب أكبر بكثير من ذلك.
إن أوكرانيا لن يكون لها القرار بإيقاف الحرب، وهذا ما قاله الناطق باسم البنتاغون جون كيربي عندما قال نحن لا نقبل الوساطة الصينية ولن تقف الحرب ولن نقبل بالوقف إطلاق النار.إذن، قرار وقف اطلاق النار في اوكرانيا بيد أمريكا.
أما من ناحية الروسية، فقد فهم الرئيس الروسي مسار الحرب وقد ارتكب أخطاء كثيرة في البداية باعتقاده أن أوكرانيا ليست عدوا وبأنه من الممكن أن يصار إلى تفاهم سياسي بين الطرفين. ولذلك عدل من أهدافه وتطلعاته العسكرية وليبدأ بشكل ممنهج، ولكن بطيء عمدا لكي يستنزف القوات الأوكرانية ولكي يستنزف المقدرات الأوروبية التي هي التي تنوء تحت ضغط اقتصادي كبير بسبب ارتفاع الأسعار ونقص الطاقة في في القارة الأوروبية. وعليه، فإن روسيا تتقدم وأوكرانيا تتراجع ومعها الغرب، لأن روسيا تحارب أربعين دولة تخطط للحرب في ألمانيا، حسب ما قاله حلف النيتو.
ردود الفعل الأمريكية
يجب على العالم أن يتحضر لردة الفعل العنيفة من قبل أمريكا لأنها لن تتخلى عن هيمنتها الأحادية على العالم بهذه السهولة ولأنها كانت تربعت على عرش العالم. إلا أننا نرى اليوم بأن أمريكا لا تزال قوية عسكريا لأنها تمتلك العديد من القواعد العسكرية في 80 دولة حول العالم. إلا أنها قد فشلت في جميع حروبها الغير قانونية كالسنوات العشرين الماضية في أفغانستان والعراق وليبيا وسوريا وفي لبنان في حربها الاقتصادية عليه.
ولذلك فإن أمريكا لا تعرف كيف تصنع السلام ولا تعرف كيف تربح العقول والقلوب للشعوب. أما الصين فتقدم نموذجا آخر وهو نموذج سلمي يدعو إلى تطور الدول اقتصاديا وعلميا لكي يتم التعاون أكثر مع الصين لأنها تحتاج إلى تصدير اليد العاملة والتكنولوجيا التي تمتلكها.