الباحث السوري المتخصص بالجيوبوليتيك والدراسات الاستراتيجية حسن أحمد حسن في حديث لمركز سونار الإعلامي
الباحث السوري المتخصص بالجيوبوليتيك والدراسات الاستراتيجية حسن أحمد حسن في حديث لمركز سونار الإعلامي قال:” لا يوجد شيء إسمه قانون قيصر بل هناك عقوبات أميركية ولا يوجد هناك عقوبات دوليه، هناك عقوبات إقتصادية ظالمة مفروضه من جانب واحد بما يتناقض مع القوانين الدولية ومع كل ما له علاقة بميثاق منظمة الأمم المتحدة. لا يوجد هناك قيصر ولا غيره طالما لم يمر عبر مجلس الأمن ولم يقر من الهيئات والمنظمات التابعة لهيئة الأمم المتحدة فهو إجراء عدواني ولا يسمى إلا إرهاب اقتصادي. أما بالنسبة لموضوع كسر قانون قيصر وما يتم التداول عنه وما يتردد بعد الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا، أعتبر ومن خلال قرائتي الذاتية أن الوقت لايزال مبكر للحديث عن كسر قانون قيصر. كسر قانون قيصر عليه أن يتحول إلى هدف حقيقي لكل الأطراف وليس محبي وعشاق سوريا فقط لأنها أصيبت وضربت بسبب الزلزال المدمر، إنما ما حدث يشكل تحدي حالياً . هذا التحدي إنما يتحول إلى فرصه، أو يتحول إلى خطر. بقدر ما يكون التعامل بشكل موضوعي وبما ينسجم مع قيم المجتمع الدولي بقدر ما تكون النتائج أفضل. إن المساعدات التي وصلت إلى سوريا رأيناها بعد إعلان الولايات المتحده بتعليق العمل ببعض البنود المتعلقة حصراً بالإغاثة الإنسانية ، ومع ذلك هو يكذب. نحن نتحدث عن الزلزال الأصعب والأكثر تدميراً ليس فقط عبر إمتداد قرن. هناك بعض الدراسات تقول أن البشرية لم تشهد أكبر من هذا الزلزال. وبذلك قد يكون هناك العقل الخبيث الاستخباراتي الأمريكي الذي وصل إلى قناعة أن هذه الحالة الإنسانية ستخلق تعاطفاً مع أمريكا وتعتبرها حاميه للديمقراطية. وسيتم غض النظر عنها على أنها عنصرية، ظالمة، ضد القيم الإنسانية وبالتالي صدر مثل هذا التعديل أو ما تم تسميته ” القرار الصادر عن الخزانة الأمريكية”.
لو أن قانون قيصر فعلًا قد كسر من حق المتابع العادي أن يسأل، لماذا تهبط الطائرات الايطالية في مطار بيروت لو لم تكن تخشى من العقوبات الامريكية. مجرد هبوط الطائرات في مطار بيروت ونقل الإغاثات أي المواد الإغاثية، يعد هذا خوف من العقوبات. نحن نتحدث عن كارثة إنسانية ونتحدث عن مواد إغاثه، وهذا يعني أن أي تأخير في المساعدات سيؤدي إلى فقدان أرواح. وبالتالي، مجرد الحديث عن هبوط طائرات إيطالية أو غيرها في مطار بيروت هذا دليل بأنه لايزال هناك خوف من العقوبات الأمريكية.
نحن نتمى للشعب التركي كل خير وكل سلامة لكن المتابع الذي يشاهد حجم المساعدات التي دخلت الأراضي التركية وحوّلت الأجواء التركية إلى جسر جوي متعدد الاتجاهات لاستقبال كافة المساعدات. سيصل إلى قناعة بأن هذا المجتمع الدولي لا يكيل بمكيالين ولكن بعدة مكايل.
هل يشكل الزلزال فرصه لكسر قانون قيصر؟ نعم، هو تحدي حالياً ويمكن أن يتحول إلى فرصه وعلينا أن لا ننسى موضوع القرار الذي أتخذته الخزانة الأمريكية كان بعد أن بدات المساعدات من الأشقاء الايرانيين تصل إلى دمشق. وبالتالي هم يعلمون أن أصدقاء سوريا وبأن محبي الإنسانية مضطرون لكسر هذا القانون، فكانت هذه المحاولة وهذه الالتفاتة. عندما يتم الحديث عن 180 يوم أي ستة أشهر، وبالتالي اذا كانت هناك اي عمليات فيها ترميم أو إعادة بنى تحتيه أو تامين البنية التحتيه الاساسية أو تأمين الأدويه. بعد ستة أشهر يقول الأمريكي إنتهت المهله ويطبق من جديد قانون قيصر ويمنع التصدير حتى الدواء إلى سوريا. ماذا يعني هذا الكلام؟ هذا يعني أنهم ينتقمون من الشعب السوري لانه وقف مع وطنه ووقف مع قائده، اي وقف بجانب مواقفه الوطنيه وهذا يعني تسييس حتى الملفات الإنسانية . ما يميز المساعدات عند حدوث أي كارثه أنها إنسانيه، وبالتالي الحديث عن إعادة قانون قيصر بعد سته أشهر يعني التهديد حالياً بالموت المفاجئ إذا لم يسمح بدخول مساعدات. يعني الموت البطيئ ودفن المشاريع والجهود الإغاثية التي تم تنفيذها في مرحلة الستة أشهر .
من هنا أقول بأن هذا يفرض أو يوجب على محور المقاومة وعلى محور مكافحة الارهاب وعلى محور الغطرسة والعربدة الأمريكية العمل على كسر هذا القانون وعدم الاعتراف ب 180 يوم ولا بتحديد فترات زمنية. بغير ذلك إذا استطاعت واشنطن أن تعيد طرد هذا القانون على أتباعها، هذا يعني بأن هذا التحدي يمكن ان يتحول إلى تهديد. الأمل في المحور المناهض للعربدة الأمريكيه والتفرد بالقرار الدولي وإن شاء الله ستتجه الامور نحو الافضل.
ما تقدمه واشنطن لضمان إستمرارية الحرب في اوكرانيا، ليس فقط المستهدف منها روسيا أو اوكرانيا، بل المستهدف منها ايضا دول الإتحاد الأوروبي قبل غيره. ما يهم واشنطن هو إطالة أمد هذه الحرب اكبر قدر ممكن. بقدر ما تستمر هذه الحرب بقدر ما تصبح اوروبا اكثر انبطاحا. وفي الوقت ذاته تسعى لأن تعتمدها كمنصه متقدمه لضمان استنزاف روسيا.
المعطيات تشير أنها لا تستطيع تحقيق ذلك. اتمنى من اي متابع أن يقارن بين ما تقدمه وتعلن عنه الولايات المتحدة الأمريكية من سلاح ومساعدات بإتجاه اوكرانيا وما تقدمه أضعاف ما تعلن عنه. وبينما ما تعلن عنه بأنها ارسلته إلى سوريا وتركيا وما تعلن عنه هو أقل بكثير من حقيقة الامر.
إن حصر المساعدات التي تقدمها أمريكا أو تعلن أنها تقدمها بمناطق الشمال، هذا يعني انها بشكل أو بآخر انها تقدم هذه المساعدات للتنظيمات في تلك المناطق كداعش وجبهة النصره.
عندما نتحدث عن إيصال اي مساعدات إلى المسلحين والمصنفين وفق القانون الدولي على انهم ارهاب. هذا يعني دعم الارهاب والعمل لإعادة تدوير داعش وإعادة ضخ الدماء في شرايين هذه التنظيمات الإرهابيه المسلحه التي بدات تلوح في الافق. هناك مؤشرات تثبت أن تركيا ممكن ان تتخلى عنها. وبالتالي إن إرسال المساعدات عن طريق تركيا، يعني أن كل ما تطلبه تركيا تأخذه. وأن كل المساعدات ستدخل باتجاه المناطق الارهابيه المسلحه.
صرح زعيم تنظيم داعش انهم لن يقبلوا هذه المساعدات، في المقابل ، تدين منظمة الأمم المتحدة عدم ادخال المساعدات الى سوريا وعدم فتح المعابر. في حين المنظمات الارهابيه تصرح انها لن تقبل المساعدات. امريكا تصرح على عدم إرسال اي مساعدات الا عن طريق البوابات غير الرسمية. إلا ان الدولة السورية أعلنت رسميا ورحبت بتقديم المنظمة الدولية وانها مستعده لفتح الابواب لوصول المساعدات وايصالها لكل المناطق.
لذا على كل متابع أن يعلم النفاق الامريكي وكم هو الوضوح السوري. كم هو العداء للإنسانية من قبل واشنطن ومن يدور في فلكها وكم هو الحرص من قبل سوريا على التمسك بالقيم الانسانيه والاخلاقية والوطنيه.
من الطبيعي أن تتوقع سوريا او اي مواطن سوري أن تكون المساعدات اضعاف ما هي عليه. إن جميع الدول العربيه التي لم تشارك بالحديث أو تاخرت بالمشاركة بالحديث عن سوريا، أتمنى منها ومن الجميع أن تستذكر كيف كانت سوريا على امتداد القرن الماضي أو منذ فجر استقلالها، مكانًا آمنا لكل الاشقاء العرب من كل الدول العربيه. ما ثبت على أرض الواقع أن الولايات المتحدة الامريكيه لا تعترف إلا بالاتباع، وما ثبت أيضًا أن هؤلاء الأتباع عندما ينتهي دورهم الوظيفي يقذف بهم من القاطره الامريكيه عند أول منعطف وكل المعطيات تشير إلى أن إمكانية إستمرار واشنطن بتجديد قبضتها على الجميع هي في تآكل. الهيبة الأمريكية في تآكل، القدره على التفرد بالقرار الدولي في تآكل وحصار وتراجع. لذلك، لكل الذين يريدون أن يعملوا العقل والذهن عليهم أن لا يكونوا بالحد الأدنى عبيد لأمريكا”.