رأي الصحافة

لهذه الأسباب… ستعود العلاقات السورية- التركية إلى طبيعتها… لا مفرّ

مركز سونار الإعلامي، رؤية جديدة في مواكبة الإعلام الرقمي تابعونا على قناة اليوتيوب ليصلكم كل جديد

حسان الحسن | صحافي لبناني 

مهما حاول النظام التركي المماطلة في تنفيذ إلتزاماته التي قطعها بتعهدٍ من رئيسه رجب الطيب إردوغان أمام الجانبين الإيراني والروسي، في شأن الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، منذ إنطلاق “مسار أستانة” لإحلال السلام في سورية في أواخر العام 2017، غير أنه في نهاية المطاف ملزم في تنفيذ هذه الإلتزامات. كذلك فإن “مسار أستانة” مستمر، كونه المسار الجدّي والوحيد الرامي إلى إرساء السلام، بضمانة كل من: روسيا، إيران، وتركيا، المؤثرين في مجريات الأوضاع في سورية راهناً، خصوصًا على الصعيدين الميداني والسياسي، حتى لو تابع أطراف هذا المسار لقاءاتهم في بلد آخرٍ. بالتالي فإن “نظام أنقرة” غير قادرٍ على الإستمرار في التمادي في “لعبة المماطلة والتسويف” على الجانبين الروسي والإيراني إلى ما لا نهاية، ومحاولة إبقاء إحتلاله لأراضٍ سوريةٍ، بذريعة حماية الأمن القومي التركي، و”عجز” الجيش السوري عن ذلك، كما يدّعي هذا النظام، برأي مصادر سياسية سورية. وتلفت إلى أن “مسار جنيف” أو ما يعرف “باللجنة الدستورية” غير مفّعلٍ راهنًا، على حد تعبير هذه المصادر. أما في شأن ما يعرف بـ “المسار العربي” الذي إنطلق عقب “إجتماع عمّان”، الذي إنعقد في أيار الفائت، وضم كل من: وزراء الخارجية في الأردن، السعودية، العراق، ومصر، في حضور وزير الخارجية السورية أيضًا، لإيجاد حلٍ سياسيٍ للأزمة السورية، فأن هذا المسار يرمي إلى إعادة تفعيل العلاقات العربية مع السورية، وغير مرتبطٍ بالتسوية السياسية الداخلية، بحسب تأكيد المصادر عينها.
إذًا، وسط هذه المعطيات، تعلّق الآمال على “مسار أستانة” وحده من دون سواه في الوصول إلى تسوية الأزمة السورية المرتجاة. وفي هذا الصدد، يشكك مرجع عسكري وإستراتيجي في صدقية النظام التركي لناحية التقيّد بالتزاماته المذكورة آنفًا حيال سورية، معتبرًا أن اللجوء إلى الخيار العسكري، هو الحل الأجدى لإنهاء الوضع الإرهابي الشاذ في الشمال السوري. كذلك يستبعد إعادة طريق “M 4” الذي يربط حلب باللاذقية إلى كنف الدولة السورية، إلا من بعد تنفيذ عمليةٍ عسكريةٍ سوريةٍ روسيةٍ، لإبعاد المسلحين عن هذه الطريق. وبدأت بشائر العملية تلوح في الأفق القريب، إثر الغارات الجوية التي وجهها الطيران الحربي السوري- الروسي المشترك إلى مواقع المجموعات الإرهابية المسلحة المنتشرة في الشمال السوري في الأيام الفائتة، ودائمًا بحسب رأي المرجع.
وفي السياق عينه، تستبعد مصادر في المعارضة السورية إقدام القوات المشتركة السورية- الروسية على تنفيذ أي عمليةٍ عسكريةٍ في الشمال السوري في المدى المنظور، إن في شمال غرب سورية، حيث تنتشر المجموعات المسلحة التابعة لتركيا، أو في شمال شرق البلاد السورية، حيث “وجود” القوات الأميركية والمسلحين التابعين لها. وترجّح أن إستقدام الجيش السوري لتعزيزاته المذكورة أعلاه، هو إستعدادًا لتنفيذ عملية إنتشار في بعض مناطق الشمال، بالتنسيق مع السلطات التركية، وفقًا لمندرجات مسار أستانة، لا لفتح معركة مع أي طرفٍ، ودائمًا برأي المصادر المعارضة.
وتلفت إلى أن الغارات السورية- الروسية المذكورة آنفًا، فقد إستهدفت مواقع إنطلاق المسيّرات التي قصفت بعض المناطق السورية الآمنة، تحديدًا في الساحل السوري، ليس إلا. بالتالي لا عملية عسكريةً مرتقبةً في الشمال قريبًا، تختم المصادر المعارضة.
وتعقيبًا على ما ورد آنفًا، تحديدًا لجهة تقدم مسار العلاقات الثنائية السورية- الروسية، يرجّح مرجع في العلاقات الدولية أن يشهد هذا المسار تقدمًا ملحوظًا في المدى المنطور حتى عودة هذه العلاقات الى طبيعتها التي كانت عليها، قبل تورط أنقرة في الحرب الكونية على سورية، التي بدأت في منتصف آذار 2011. وذلك لإعتباراتٍ عدةٍ، أبرزها الآتي:
أولًا- يدرك حزب العدالة والتنمية الحاكم في أنقرة فشل “مشروع حكم الإخوان المسلمين” في العالم العربي، من مصر إلى تونس إلى سورية وصولًا إلى قطاع غزة، حيث إستدارت حركة حماس، وعادت عن غيّها، بعد تأييدها “لحكم الإخوان” في المنطقة، وإنخراطها فيه، لتعود بعدها إلى موقعها الطبيعي في محور المقاومة والممانعة. وتوّجت هذه العودة، بعد زيارة وفد من “حماس” لدمشق، ولقاء الرئيس بشار الأسد في تشرين الأول الفائت، بوساطة من حزب الله.
ثانيًا- مادام النزوح السوري إلى تركيا، يشكل عبءًا كبيرًا على الإقتصاد التركي، لذا صار لزامًا على “العدالة والتنمية” المقبل على خوض الإنتخابات البلدية بعد أشهرٍ، إيجاد حلٍ لأزمة النزوح السوري التي أرهقت هذا الإقتصاد، وسط تدهور العملة التركية إلى أدنى المستويات في الآونة الأخيرة، وهذا الحل لن يتحقق إلا من خلال المضي قدمًا في تفعيل العلاقات الثنائية مع دمشق برعاية روسية- إيرانية، وقد يكون “مسار أستانة” هو الطريق الأفضل للحل المرتجى، خصوصًا بعد تراجع شعبية الحزب الحاكم في أنقرة، بحسب نتائج الإنتخابات الرئاسية الأخيرة.
ثالثًا- في ضوء الوضع الإقتصادي المتدهور الذي تعانيه تركيا راهنًا، لاريب أن إستمرار إقفال حدودها المشتركة مع سورية، يحرمهما من مردودٍ ماليٍ وفيرٍ، من خلال رسوم الجمارك على نقل البضائع والترانزيت عبر هذه الحدود، وسط معلوماتٍ عن إمكان تفعيل خط الترانزيت عبر هذه الحدود، كخطوةٍ أولى على طريق إعادة فتحها بالكامل.
رابعًا- لا مصلحة تركية بإبقاء بؤرة إرهابية على حدودها، أي إستمرار وجود المجموعات المسلحة المصنّفة دوليًا بالإرهابية في المناطق السورية المتاخمة للحدود المشتركة مع تركيا. أمام كل هذه المعطيات، يخلص المرجع إلى حتمية عودة العلاقات السورية- التركية إلى طبيعتها،ولا مفّر من ذلك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى