الانفتاح العربي والدولي على سوريا..مسار سياسي ودبلوماسي جديد
الكاتب والباحث السياسي السوري محمد العمري في حديث لمركز سونار الإعلامي قال ” إن زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين عبد اللهيان هي لا تنفصل عن الأبعاد المتتالية والمتكاملة التي تحملها هذه الزيارة بالدرجة الأولى وهي في ايطار استكمال تطوير وتعزيز العلاقات الاستراتيجية التي تربط سوريا وإيران في كل المجالات. والنقطة الثانية هي للاطلاع على واقع تداعيات الزلزال، لذلك كانت الزيارة لعبد اللهيان إلى مدينة اللاذقية قبل لقائه المسؤولين السوريين. وفي الجانب الآخر، هناك البعد المتعلق بالدور الإيراني في إنجاح الوساطة ما بين سوريا وتركيا، وخاصة أن إيران هي من أولى الدول التي طرحت هذه المبادرة وبالتحديد وزير الخارجية عبد اللهيان.
تزامنا مع التطورات المتصاعدة التي تشهدها المنطقة مما يقوم به الكيان الإسرائيلي، هناك بعد ثالث ايضا لهذه الزيارة. حيث يعمل الكيان على تصدير أزماته ضد الشعب الفلسطيني وتصعيد عملياته تجاه سوريا، معلنا بأن هذه العمليات هي لاستهداف النفوذ الإيراني في سوريا. وبالتالي يمكن القول بأن هناك مسار سياسي ودبلوماسي وعسكري في ظل هذه الزيارة.
تعمل الولايات المتحدة الأمريكية على تزود الكيان الإسرائيلي بالمعلومات سواء من خلال الخدمات اللوجستية عبر الأقمار الصناعية، أو من خلال تسهيل القيام بمثل هذه الاعتداءات. لذلك هناك العديد من الاعتداءات تتم من خلال قاعدة التنف و إن تأمين هذه الاستهدافات يتم باستعدادات لوجستية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.
منذ بداية الكارثة الإنسانية، كانت الولايات المتحدة الأمريكية تتذرع وتقول أن العقوبات والحصار الاقتصادي القائم على سوريا لا يمس المساعدات. الا أن هناك العديد من المنظمات الدولية والدول هي تتحدث بأن ما يعيق إرسال المساعدات إلى سوريا هو قانون خطر، وكذلك العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية وإن تجميد جزء من قانون قيصر لم يأت بأي جديد.
مارست الولايات المتحدة الأمريكية العديد من الضغوط على الدول الأوروبية لعدم إرسال مساعدات مباشرة إلى سوريا، لذلك سعت هذه الدول لأن تكون المساعدات عن طريق المرافق اللبنانية. وهذا دليل على أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تريد أن تتحول المساعدات إلى مساعدات دبلوماسية ومن ثم تطورها لأن تكون وسيلة لعودة العلاقات السورية مع محيطها العربي ومحيطها الدولي.
فيما يتعلق بمطار حلب، دائما ما يقدم الكيان الإسرائيلي الذرائع وهذا في ظل تغافل المجتمع الدولي وعدم جديته في ردع الكيان الإسرائيلي.
بما يخص الأسلحة الايرانية، النقطة الأولى هي أن هذه الأسلحة ليست فقط في المناطق التي يقوم باستهدافها الكيان الإسرائيلي. لأن المكان المستهدف اليوم هو مرفق حيوي وبالتالي يتعلق بأعمال مدنية، وكذلك أعمال إنسانية سواء من خلال نقل الأشخاص أو من خلال نقل المساعدات.
النقطة الثانية هي أن الولايات المتحدة الأمريكية لديها مصلحة بأن لا يكون هناك استمرار لإرسال المساعدات إلى سوريا لأنها – سواء من خلال ما فرضته من قانون قيصر أو من خلال دعمها للتنظيمات الإرهابية واستهداف البنى التحتية أو من خلال ضغطها على الدول العربية والأوروبية لعدم انفتاحها على سوريا- تريد أن تحول الدولة السورية إلى دولة عاجزة، وبالتالي تحقق هدفين. الهدف الأول، تنازل الدولة السورية عن مطالبها و تقدم تنازلات سياسية. والهدف الثاني هو إقائمة دولة أخرى داخل الدولة السورية وهو المشروع الفيدرالي في الشمال الشرقي من سوريا لتبقى هذه القوى الفدرالية ذراع الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، فضلا عن تأمين أمن الكيان الإسرائيلي. وعليه، إن الولايات المتحدة الأمريكية هي الراعية الرسمية لكل اعتداءات الكيان الصهيوني.
إن زيارة المسؤولين الأميركيين الى المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة السورية تهدف لإثيات الحضور العسكري لأنها لا تريد الاعتراف بشرعية الدولة السورية، لذلك سعت الولايات المتحدة الأمريكية في محاولة منها لسحب عضوية سوريا داخل المنظمات الدولية.
بالاضافة الى ذلك، تحاول الولايات المتحدة الأمريكية بإعادة ترتيب الأوراق في المنطقة في ظل بعض من المؤشرات والمعلومات التي تتحدث عن احتمال نجاح الجهود الروسية – الإيرانية في إعادة العلاقات السورية التركية. وبالتالي، إن هدف هذه الزيارة من قبل رئيس هيئة الأركان الأمريكية بالدرجة الأولى هي رسالة عسكرية لقسد بتزويدها بالأسلحة. وللتأكيد على استمرارية الدعم العسكري أو لإيجاد نقاط جديدة لانتشار الأمريكي واحتمالية زيادته واحتمالية تسليح قسد تحت ما يسمى بمحاربة داعش.
إن الولايات المتحدة الأميركية تخشى اللقاء السوري التركي في حال وقع خلال الاجتماع الرباعي لان هذا سيؤدي الى انسحاب تركيا وخروج الجماعات الارهابية من مدينة إدلب. وبالتالي، سنشهد انقسامات من قبل ميليشيات قسد ما بين الرغبة في الاستمرار مع التواجد الأميركي والرغبة في في المصالحة مع سوريا.
إن نجاح الاجتماع الرباعي سواء من قبل الطرفين السوري والتركي أو من خلال الدول الراعية والداعمة، سيصعد من الوجود الأميركي في المنطقة. في حين، ستعمل الولايات المتحدة لعرقلة هذه المصالحة، لأن أي إنجاز سياسي أو عسكري يتم في الملف السوري هو يصب في صالح الجانب الروسي ضمن إطار الصراع الأميركي الروسي على مستوى المنطقة وعلى المستوى الدولي.
اليوم هناك حاجة عربية لعودة الدور السوري، سواء فيما يتعلق بأحداث التوازن الإقليمي، أو فيما يتعلق بإطار التوازنات أو ضمن الصراعات القائمة ما بين الدول والأيديولوجيات المختلفة على مستوى المنطقة. وإن الرسائل والتصريحات السعودية حول عودة سوريا للجامعة العربية تتضمن اشارات ايجابية. وبالتالي، إن عودة العلاقات السورية السعودية بالتوازي مع خطوات المصالحة السورية التركية تضمن السعودية تواجدها ودورها في الحل السياسي.
إن السعودية اليوم بحاجة الى سوريا ضمن التحالفات الإقليمية وضمن العديد من الملفات، سواء كان الملف اللبناني وكذلك الملف العراقي وحتى الملف اليمني. وبناء على ذلك، إن عودة العلاقات مع سوريا أصبحت حاجة ضرورية لجميع الأطراف”.