لوكربي.. وسر البحث عن جناة جدد!
بعد 34 عاما من تفجير طائرة لوكربي فوق اسكتلندا تعود هذه القضية التي توصف بأنها أعنف هجوم إرهابي شهدته بريطانيا، إلى نقطة الصفر، بظهور متهم جديد ورواية أخرى.
وكانت رحلة طائرة شركة الخطوط الجوية بأن أميريكان 103 قد توقفت في 21 ديسمبر 1988، إثر تحطم طائرة بوينغ 747 وهي في طريقها من مطار هيثرو إلى مطار جون كنيدي في نيويورك، فوق بلدة لوكربي باسكتلندا، وقتل جميع من كان على متنها، وعددهم 259 شخصا، إضافة إلى 11 شخصا على الأرض في مكان السقوط. والسبب انفجار قنبلة في عنبر الشحن الأمامي بالطائرة.طائرة لوكربي كانت تقل مواطنين من 21 دولة مختلفة، إلا أن معظم الركاب كانوا من الولايات المتحدة وعددهم 190ـ تليها بريطانيا 32.التطور الجديد تمثل في إعلان الولايات المتحدة أنها احتجزت من تصفه بأنه متورط في صانع القنبلة التي فجرت الطائرة، ويدعى أبو عقيلة محمد مسعود خير المريمي، الذي سلمته إحدى المليشيات الليبية لواشنطن مؤخرا .
وكانت وزارة العدل الأمريكية قد أعلنت في بيان أن الولايات المتحدة “احتجزت صانع القنابل المزعوم في رحلة بان آم 103 أبو عقيلة محمد مسعود خير المريمي”، مشيرة إلى أنه من المتوقع أن يمثل لأول مرة أمام المحكمة الجزئية الأمريكية لمقاطعة كولومبيا.وكان المريمي قد احتجز في ليبيا واتهم بارتكاب جرائم غير ذات صلة عندما اتهمته وزارة العدل الأمريكية قبل عامين.قبل ذلك، اتهم عبد الباسط علي محمد المقرحي والأمين خليفة فحيمة بزرع متفجرات في جهاز تسجيل كان داخل حقيبة على متن الطائرة.وفي عام 1999، بعد مفاوضات طويلة، وافقت ليبيا على تسليم المقرحي وفحيمة للمحاكمة من قبل لجنة من القضاة الاسكتلنديين في محكمة عقدت في هولندا، ووافقت في عام 2003، على تسوية تتمثل في قبول المسؤولية رسميا عن الهجوم، ولكنها لم تعترف بالمسؤولية المباشرة عن التفجير.ومن بين البنود التي جرى الاتفاق فيها مع ليبيا نبذها الإرهاب ودفع تعويضات للعائلات بقيمة 2.7 مليار دولار.وحكم على المقرحي في عام 2001 بالسجن لمدة 27 عاما، فيما برأ فحيمة، ولاحقا جرى إطلاق سراح المدان الوحيد المقرحي بعد تشخيص إصابته بسرطان البروستاتا، وتوفي الرجل الذي كان يؤكد دائما براءته من التهمة التي أدين بها، في عام 2012، جرى ذلك بعد عامين وتسعة أشهر من الإفراج عليه من سجن اسكتلندي وعودته إلى بلاده.يُذكر أن عددا من أفراد أسر ضحايا لوكربي، يعتقد أن المقرحي بريء ولا علاقة له بتفجير رحلة طائرة بان أمريكان 103، بمن فيهم المتحدث باسم ضحايا لوكربي جيم سواير، الذي أعرب مؤخرا عن شكوكه في تورط عبد الباسط المقرحي، وحتى المتهم الجديد أبو عقيلة مسعود في تفجير لوكربي، مطالبا بمحاكمة المتهم الجديد برعاية الأمم المتحدة وبعيدا عن الولايات المتحدة واسكتلندا، داعيا أيضا في هذا السياق إلى مراجعة الأدلة التي ادين بها المقرحي.أما المدان الوحيد في هذه القضية عبد الباسط المقرحي الذي يوصف بأنه كان يعمل مسؤولا أمنيا في شركة الخطوط الجوية الليبية، فقد نقل عنه كاتب سيرته قبل وفاته شكه في إمكانية الكشف عن الملابسات الكاملة لتفجير طائرة لوكربي.ونُقل عن المقرحي في معرض تأكيد براءته قوله:”إذا كنت إرهابيا، فقد كنت غبيا بشكل استثنائي!”.أما أبو عقيلة، فتقول معلومات رددتها وسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية أن مسؤولين أمريكيين تلقوا في عام 2017 نسخة من تحقيق أجرته السلطات الليبية مع المتهم الجديد بعد وقت قصير من اعتقاله، وزُعم أنه أقر بأنه صنع القنبلة التي استخدمت في تفجير طائرة لوكربي وانه عمل مع الرجلين اللذين اتهما سابقا في هذه القضية بزرع القنيلة على متن الطائرة، وهما المقرحي وفحيمة.ونُسب للرجل، نقلا عن مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي، أن العملية أمرت بتنفيذها الاستخبارات الليبية وأن الزعيم الليبي معمر القذافي “قد شكره وآخرين بعد تنفيذ الهجوم”، فيما أعلنت وزارة العدل الأمريكي اتهاماتها ضد أبو عقيلة مسعود في أواخر عام 2020.وبهذه التطورات تبدو نقطة الصفر التي عادت إليها قضية لوكربي، نقطة تكمل دائرة تحكم الخناق على ليبيا المنهكة تماما. ولربما تكون التطورات الأخيرة بداية جديدة للسير في حلقة مفرغة، خاصة أن القضية عدت في وقت من الأوقات منتهية ومكتملة الأركان، إلا أن ألغازها وأدلتها المشكوك فيها، دفعت إلى البحث عن جناة جدد.