مجدداً.. “بونزي” في لبنان !
مجدداً توجه التقارير الدولية اتهامات واضحة لنظام المالية العامة في لبنان، ومؤخراً ما وجهه البنك الدولي واصفاً الأزمة المالية التي يمر بها البلد ب ” مخطط بونزي “.فما هو مخطط بونزي ؟هو شكل من أشكال الاحتيال والتي تتمثل في وعد بالربح الكبير، فيجذب المستثمرين عبر تشجيعيهم من خلال العائد الكبير. ويمول هذا الربح من تدفق استخدام أموال المستثمرين الجدد لدفع مستحقات المستثمرين السابقين وهكذا حتى يتم كسب ثقتهم.هذا الشكل من المضاربات عُرف ب ” بونزي” نسبةً ” لتشارلز بونزي” وهو ايطالي عاش في الولايات المتحدة الامريكية وأنشأ محفظة ” بونزي ” على مبدأ الفائدة المرتفعة واشتهر بين الولايات حتى أصبح دخله لا يقل عن 250 ألف دولار يوميا في عام 1920، ومع ارتفاع عدد المستثمرين وعدم استطاعته تلبية وعوده الوهمية لهم بدأت الصحف تتساءل عن مصدر أمواله حتى تمت ملاحقته والقبض عليه بتهمة الاختلاس والاحتيال .ما علاقة ” بونزي ” بلبنان ؟ألمح البنك الدولي في تقريره أن عملية احتيال متعمدة على المودعين جرت بهدف الاستيلاء على ودائعهم وأن مسألة قدسية الودائع جوفاء. ويشير الى أن الخسائر في القطاع المالي التي تقدرها الحكومة بأكثر من 70 مليار دولار ينبغي تحملها من قبل مساهمي البنوك وكبار الدائنين، الذين استفادوا بشكل كبير خلال الثلاثين عاماً الماضية من نموذج اقتصادي غير متكافئ للغاية يرقى الى مخطط بونزي بالكيفية التي دار فيها البلاد مالياً ونقدياً. ويشير هنا الخبير الاقتصادي د. حسن حمادة أن كبار المساهمين في المصارف اللبنانية استفادوا من تلك الفوائد المرتفعة وحولوها الى خارج البلاد في الوقت الذي تم ارشاء المودعين الآخرين بفوائد مرتفعة .3 أعوام على الأزمة !إنه العام الثالث على أزمة لبنان الاقتصادية دون أي اجراء اصلاحي. وبحسب ما ورد في تقرير البنك الدولي سقط 8 أشخاص من بين 10 أشخاص في براثن ( مخالب) الفقر وأدى إلى خسارة قيمة العملة المحلية بأكثر من 90% مع ما ترافقه من تدني بالخدمات العامة التي تكاد تكون معدومة ( مياه- كهرباء… )..بالاضافة الى لجوء البنوك اللبنانية بإقراض الدولة بكثافة ما أدى الى تراكم الديون مترافقاً ذلك مع الفساد وسوء ادارة. ويقول هنا حمادة “بالرغم من أن تصنيفات المؤسسات الدولية الائتمانية للبنان وديونه السيادية لم تكن ايجابية خلال السنوات الماضية بالحد الذي يدفع المصارف الى المخاطرة وإقراضها على حساب الاقتصاد الحقيقي وحرمانه من الكتلة النقدية الكبيرة، الا أنها أمعنت بهذه السياسة”. و اليوم باتت شروط صندوق النقد الدولي أرحم من السياسات التي حاولت الحكومة إختراعها في سبيل المعالجة والتي يصفها البعض بالحلول الترقيعية والتي أيضاً ساهمت في التخفيف عن المصارف واعطائها مزيد من الوقت لاطفاء الخسائر على حساب الشعب اللبناني , وهذا كان جلياً وواضحاً من خلال التعاطي الاستنسابي والتعاميم العشوائية التي أصدرها المركزي خلال الفترات الماضية .الاصلاح يبدأ من الحكومة والنية يجب أن تكون صافية !المشكلة ليست في وضع حلول , فالحلول والخطط موجودة وحتى الاقتراحات التي تغني البلد عن اللجوء إلى برنامج صندوق النقد الدولي متاحة وعديدة , الا أن تجربة إحباط خطة التعافي التي وضعتها حكومة الرئيس حسان دياب عام 2020 أدل دليل على أن هناك من لا يريد الحل لأنه ليس لصالحه ! وقتها جوبهت الخطة وتم احباطها واجهاضها بالاضافة الى اعتراضات للقطاع المصرفي والبنك المركزي . يقول حمادة هنا أن مفتاح الحل أولاً وآخراً هو الحكومة من خلال اقرار خطة عادلة وأن يكون لديها القدرة على تنفيذها لصالح المواطن والاقتصاد اللبناني وإلا نحن أمام انهيار مستمر لقيمة العملة المحلية والتي سجلت اليوم أمام الدولار الامريكي 30800 ليرة لبنانية . ويختم البنك الدولي تقريره بأنه كلما تم تنفيذ الإصلاحات الضرورية بصورة مبكرة كلما كانت تكلفة مخطط بونزي أقل إيلاماً للبنانيين.