فور إنتهاء سماحة أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله من خطابه أمس في ذكرى الشهيدين القائدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس،
انطلقت التحليلات في الإعلام العبري لسبر أغوار خطاب السيد، وأبرز ما لفت الإعلام العبري كان حديث سماحته أنه في حال وقوع الحرب، فإن المقاومة في لبنان ستخوض هذه الحرب من دون سقوف ولا ضوابط.
في السياق،
يميل الرئيس السابق لقسم الاستخبارات في جهاز الموساد، زوهر فالتي، إلى “إعطاء أهمية لمصداقية نصر الله الذي يشكل خطابه حربا نفسية ضد إسرائيل،
وحتى ضد أميركا، وكل من يدعم إسرائيل في الشرق الأوسط”. وفي حديث للقناة 12 العبرية، أشار فالتي إلى أن نصر الله لم يتخلّ عن حماس أو غزة كما يعتقد بعض الإسرائيليين، فهو يتصرف من منطلق مسؤولية تجاه لبنان، ولا يريد تكرار سيناريو حرب 2006، خاصة وهو يرى النفوذ الإستراتيجي للولايات المتحدة، وجيشها في الحرب على غزة، حيث يحمّل الأميركيين مع إسرائيل مسؤولية ما يحدث هناك.
الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، عاموس يادلين، رأى أن (السيد) حسن نصر الله “يراوغ ويعتمد نهج التضليل والضبابية” بشأن موقف حزب الله وإيران،
مما حدث في السابع من أكتوبر، وبشأن سير المعركة وتطورات الحرب على الجبهة مع لبنان. وأوضح يادلين أن الغموض في خطاب نصر الله أبقى على جميع الاحتمالات مفتوحة، كما أبقى التوتر على الجبهة مع لبنان، مشيرا إلى أن حزب الله يتجنب المخاطرة بحرب شاملة، وأن الردع الإسرائيلي قوي جد، لكن حسن نصر الله لم يتردد بتهديد إسرائيل، وقصف عمق المدن الإسرائيلية، وتوجيه ضربة استباقية.
محللة الشؤون العربية في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، سمدار بيري، اعتبرت أن نصر الله أثبت أنه يتجنب مهاجمة إسرائيل بالقوة؛ لأنه من الواضح له أن إسرائيل ستهاجم بيروت وتدمرها كما فعلت في غزة. وأضافت بيري، “كان من الواضح أن نصر الله لن يعطي حزبه الضوء الأخضر للدخول في حرب شاملة”،
واستعرض الوضع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي الصعب في إسرائيل، وكذلك الحالة النفسية غير المستقرة لمواطنيها، وأوضح مرارا وتكرارا لماذا ينبغي لحزب الله ألا يدخل بحرب شاملة.
الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي، اللواء يعقوب عميدرور، قال إن “نصر الله من جهة لا يريد الانجرار إلى الحرب، وكذلك لا يريد أن يمنحنا الذريعة للقتال في لبنان، لكنه من ناحية أخرى يتعيّن عليه أن يفعل شيئاً”.
بدوره، اللواء احتياط في جيش الاحتلال الإسرائيلي، يسرائيل زيف، رأى أن نصر الله “أوضح لماذا لا ينوي التضحية ببيروت، بل الاستمرار في المراوغة والتضليل بكل ما يتعلق بسير الحرب والاحتمالات المستقبلية”. ونبّه زيف إلى أن خطاب نصر الله حمل رسالة مفادها أن حزب الله سيبقي على التصعيد والتوتر باستخدام “فتيل هادئ” يتحكم به، والأهم سيستمر في استنزاف إسرائيل مع الإبقاء على عنصر المفاجأة، الأمر الذي يخلق حالة من الإرباك بالجانب الإسرائيلي.
ويعتقد زيف أن نصر الله الذي أبقى على كل الاحتمالات مفتوحة، يجب أن تقلق منه إسرائيل جدا، مؤكدا أنه لا يمكن الاطمئنان وإعادة “المدنيين الإسرائيليين” إلى المناطق الحدودية، إلا بعد إبعاد عناصر حزب الله من الجنوب اللبناني، وإلغاء التهديدات باحتمال توغل بري لمقاتلي الحزب في الجليل الأعلى.
رئيس قسم العالم العربي في “معهد السياسات والإستراتيجية” بجامعة رايخمان، في هرتسليا الإسرائيلية، ميخائيل ميلشتاين،
أكد أن نصر الله كان حذرا في خطابه ورسائله، لكن “من المستحسن للإسرائيليين الحذر من التفاؤل من التصريح المعلن، أن حزب الله غير معني بحرب شاملة، أو أن الردع الإسرائيلي عاد للجبهة مع لبنان”. وأضاف ميلشتاين، أن نصر الله لم يلق خطابه “بحكم دوره أمينا عاما لحزب الله فقط، بل ممثلا لمعسكر المقاومة الشرق أوسطية برمته بقيادة إيران. وكان في قلب ما قاله الإنجاز لحماس وللمقاومة الفلسطينية، ونجاح هذا المعسكر في ترسيخ مكانته في الشرق الأوسط”. ويعتقد المحلل أن خطاب نصر الله ومضمونه “خداع إستراتيجي”، ويقول، إنه “من الضروري التركيز على توضيح نصر الله بأن ردود أفعاله ستستمد من طبيعة المعركة في غزة، وإذا ترافق ذلك مع أضرار جسيمة لحماس، وفي المقام الأول تصفية كبار مسؤوليها، وهو ما قد يؤدي إلى تصعيد واسع النطاق على الجبهة مع لبنان”.
وفيما يلي أبرز العناوين والمواقف التي تطرقت إليها الصحف العبرية والمواقع الإخبارية بخصوص خطاب سماحته :
– قناة كان العبرية: أمين عام حزب الله حسن نصر الله يهدد: “من يفكر بالحرب على لبنان، سيندم”.
– صـحـيـفـة يـديـعـوت احـرنـوت: عقب تهديدات الأمين العام لحزب الله يوم أمس، قررت بلدية حيفا فتح الملاجئ في المدينة.
– رأت إذاعة “كان” أن كلمة نصر الله حملت رسالتين الى إسرائيل، الأولى بالتأكيد على حتمية الرد على اغتيال العاروري، والثانية هي “تحذير إسرائيل أنه إذا ذهبت الى ردّ معتدّ به، بعد ردّه، فيمكن أن يتسبّب ذلك بحرب كبيرة، تدفع خلالها إسرائيل ثمناً باهظاً”.