الكيان وعقدة حزب الله : الديبلوماسية تتغلب على منطق الحرب …. وإغراءات كبيرة لمستوطني الشمال
أكرم فخر الدين
يبدو أن الإنتقال الى المرحلة الثالثة من المواجهة داخل الكيان قد بدأ فعلياً، مع بدء جيش الاحتلال بالإنسحاب التدريجي من بعض أحياء غزة وعملية إعادة التموضع التي يقوم بها الجيش في ظل تكتم شديد على ذلك، مع الحديث عن تقدم في المفاوضات وخاصة على خط القاهرة.
لكن المعضلة الأساسية التي ما تزال تواجه قيادة الكيان وحكومة العدو، هي كيفية التعاطي مع حزب الله في الشمال، وسط حديث متزايد عن ضغط أمريكي على الكيان لمنع الإنزلاق الى المواجهة الكبرى، وإعطاء فرصة للخيار الديبلوماسي خاصة لناحية تطبيق القرار 1701 والحصول على ضمانات من حزب الله بهذا الخصوص، على أن يبقى الحل العسكري آخر الحلول وخاصة في حال فشل الجهود الديبلوماسية وإنسداد الأفق السياسي. كما تحدثت وسائل إعلام العدو، عن وجود مساعي كبيرة ومحاولات لإقناع المستوطنين في كل من غلاف غزة والشمال للعودة التدريجية الى منازلهم مقابل الحصول على مغريات ومكافآت مالية كبيرة.
وفي هذا السياق، نقلت وكالة “رويترز” عن مسؤول إسرائيلي اليوم، أن “بعض القوات التي انسحبت من غزة في الجنوب ستكون مستعدة للتناوب على الحدود الشمالية مع لبنان”. وقال: “لن نسمح للوضع على الجبهة اللبنانية بالاستمرار، وفترة الستة أشهر المقبلة هي لحظة حرجة. إسرائيل ستنقل رسالة مماثلة إلى المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين الذي يقوم بمهمات مكوكية إلى بيروت”. وحذرت إسرائيل من أنه إذا لم يتراجع حزب الله إلى ما وراء الحدود، فإن حرباً شاملة تلوح في الأفق في لبنان.
كما أفادت هيئة البث الإسرائيلي (مكان) ان جلسة الحكومة الإسرائيلية، مساء الأحد، شهدت مشادات كلامية بين رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، من جهة، ووزير الاقتصاد والصناعة نير بركات، ووزير المساواة الاجتماعية عميحاي شيكلي، من جهة أخرى، وذلك على خلفية طريقة إدارة الحرب مع حزب الله في لبنان. كما أن عضو مجلس الحرب الإسرائيلي، بيني غانتس، كان قد هدد، في وقت سابق، بفتح “جبهة حرب جديدة” مع حزب الله. وقال للصحافيين: “إن وقت الحل الدبلوماسي ينفد، وإذا لم يتحرك العالم والحكومة اللبنانية من أجل منع إطلاق النار على سكان شمالي إسرائيل، وإبعاد حزب الله عن الحدود، فإن الجيش الإسرائيلي سيفعل ذلك”. وأضاف غانتس: “المراحل التالية من القتال ستكون أيضًا عميقة وقوية ومفاجئة”، مشيراً إلى أن “الحملة ستستمر وتتوسع حسب الضرورة، إلى المزيد من البؤر أو الجبهات”.
بالأمس، نشرت صحيفة “معاريف” الإسرائيليّة تقريراً قالت فيه إنّ “حزب الله يُهدد حياة ملايين الإسرائيليين”، مشيرة إلى أنه في حال لم يتحرّك المجتمع الدولي لكبح جماح الحزب، عندها سيكون لدى إسرائيل المُبرر الكامل للتحرك ضدّه. وذكرت الصحيفة ان “عيون مواطني إسرائيل والمجتمع الدولي تتابع ما يحدُث عند الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان”، موضحاً أن المستوطنين الإسرائيليين ينتظرون اتخاذ إجراء حاسمٍ ضدّ الحزب قبل العودة إلى منازلهم التي تركوها إبان التوتر الحدودي الذي بدأ يوم 8 تشرين الأول الماضي. وتابعت: “هذه الحقيقة تؤكّد الخطر الوجودي المتمثل في حزب الله الذي يعملُ كدولة داخل دولة على مسافة قصيرة من مدن إسرائيل. إنّ الحزب يمتلك حالياً ترسانة تضمّ أكثر من 200 ألف صاروخ يمكن للعديد منها الوصول إلى تل أبيب ووسط إسرائيل”.
خطة الدفاع الجديدة
أفادت صحيفة “يديعوت احرونوت” بأن الحكومة الإسرائيلية قامت بتكليف عدد من ضباط الجيش الإسرائيلي بمحاولة إقناع سكان المستوطنات في الشمال وفي غلاف قطاع غزة، الذين تم إجلاؤهم من البلدات الحدودية بعد هجوم “طوفان الأقصى”، بالعودة إلى تلك البلدات، من خلال شرح “خطة الدفاع الجديدة”. وتشمل هذه الخطة تحصين المنطقة عند الحدود اللبنانية من خلال إقامة “عائق هندسي جديد”، بتكلفة مليارات الشواكل، “يمنع اجتياحاً تنفذه كتائب الرضوان في حزب الله”. وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة الإسرائيلية وافقت، في السنوات الأخيرة، على تمويل بناء سور في ثلث منطقة الحدود اللبنانية، الممتدة من جبل الشيخ إلى رأس الناقورة. ووافقت الحكومة الآن على بناء سور على طول هذه الحدود، بهدف منع إصابات من جراء إطلاق قذائف مضادة للدروع من الأراضي اللبنانية باتجاه بلدات وشوارع محاذية للحدود.
وأَضافت الصحيفة : فإنه في حال لم تنجح الضغوط الأميركية والفرنسية في جعل حزب الله يسحب قواته عدة كيلومترات عن الحدود، فإن “إسرائيل ستبدأ هجوماً جوياً واسعاً ضد حزب الله، ومن شأنه أن يتطور إلى مناورة برية في جنوب لبنان”. وتقضي “الخطة الدفاعية الجديدة” في البلدات الحدودية باستدعاء عدد كبير من قوات الاحتياط، التي تم تسريح قسم منها في هذه الأثناء، ونشرها في المناطق الحدودية مع قطاع غزة ولبنان، في الأشهر القريبة. وسترصد ميزانية بمئات ملايين الشواكل لتمويل استدعاء قوات الاحتياط، فيما القوات النظامية ستواصل الحرب على غزة.