رأي الصحافة

صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية : علينا الاعتراف بالخسارة.

مركز سونار الإعلامي ينقل لكم أبرز ما جاء في هذا المقالة نظراً لأهميتها :

مركز سونار الإعلامي، رؤية جديدة في مواكبة الإعلام الرقمي تابعونا على قناة اليوتيوب ليصلكم كل جديد

 

في مقالة جريئة وصادمة، تحدث الكاتب الصهيوني هليل شوكِن (و هو بالمناسبة نجل مؤسس صحيفة “هآرتس” ورئيس تحريرها الأول غرشوم شوكن)، في مقالة إفتتاحية في صحيفة “هآرتس” عن الأسباب الواقعية التي تجعل “إسرائيل” عاجزة عن ربح الحرب وأن على دولة “إسرائيل” الإعتراف بالهزيمة، وقال شوكن: ” لن ننتصر … هذه المعركة الحالية في غزة خسرناها منذ 7 أكتوبر، وكل يوم إضافي يعمق الفشل أكثر”.

مركز سونار الإعلامي ينقل لكم أبرز ما جاء في هذا المقالة نظراً لأهميتها :
لن ننتصر. ولا حتى معاً. هذه المعركة الحالية في غزة، على حقنا في وطن قومي في أرض إسرائيل، قد خسرناها منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول. كل يوم إضافي في المناورة البريّة يعمّق الفشل أكثر. عندما تنتهي هذه المعركة الفظيعة، كما هو متوقع، خلال أسابيع معدودة نتيجة ضغط دوليّ، ستكون إسرائيل في وضع أشدّ صعوبة من الوضع الذي دخلت إليها فيه على إثر الهجوم البربري الذي نفذته حماس. هل من المحتمل أن ينبت من قلب الفشل شيء جيد؟ نهاية الصراع، ربما؟
في يوم 16 تشرين الأول أعلن “مجلس الحرب” الإسرائيلي أهداف الحرب: القضاء على سلطة حماس وتدمير قدراتها العسكرية، إزالة تهديد الإرهاب من قطاع غزة على إسرائيل، جهود قصوى لحل قضية الرهائن وحماية حدود الدولة ومواطنيها. في نهاية المعركة، لن نحقق أيّاً من هذه الأهداف.
حالياً، تشير استطلاعات الرأي إلى أن أداءنا في غزة يعزز مكانة حماس بين الفلسطينيين، ليس في غزة فحسب بل في الضفة الغربية أيضاً. مَن لم يقبل بحماس في غزة، سيتلقّاها في السلطة الفلسطينية أيضاً. ما كان يبدو لكثيرين أنه مساعٍ حثيثة قُصوى لتحرير الأسرى، لم تنجح سوى بصورة جزئية في تحرير أقل من نصفهم، وكل يوم إضافي تستمر فيه هذه المعركة يشكل خطراً على حياة أكثريتهم، الذين بقوا في الأسر. وإن تبلورت صفقة لتحريرهم، أصلاً، فعلاوة على أننا سنكون مُطالَبين بالإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين المسجونين لدينا، مع أو بدون “دم على اليدين”، فسوف نضطر أيضاً إلى الانسحاب من مناطق القطاع والتعهد بإنهاء الحرب. قادة حماس ليسوا أغبياء. لن يقبلوا بأقل من ذلك. الدول الصديقة لنا، التي ستبسط رعايتها على الصفقة، ستكون مُطالَبَة بتقديم ضمانات لأن لا تعود إسرائيل إلى شن هجوم لاحقاً.
لقد تدهورت مكانة إسرائيل الدولية وبلغت حضيضاً غير مسبوق، مما يشكل خطراً ليس فقط على علاقاتها مع الدول الصديقة لها، وفي مقدمتها الولايات المتحدة أساساً، وإنما على الجاليات اليهودية في مختلف أنحاء العالم أيضاً ويجعل الإسرائيليين في خارج البلاد كمرضى الجذام. كذلك تراجعت مكانتنا، بصورة دراماتيكية، مقابل دول المنطقة. وخلافاً لـ “المفهوم” القائل بأنّ حزب الله مردوع عن مهاجمة إسرائيل، فإنّ إسرائيل هي الطرف المردوع. وقد تلقى ضعفنا مقابل حزب الله تأكيداً مجلجلاً حين أدرك الرئيس الأمريكي، جو بايدن، حقيقة الوضع فأرسل على وجه السرعة قوة عسكرية كبيرة إلى البحر المتوسط.
وبالرغم من القوات الأمريكية الرادعة، إلا أن أتباع إيران تفلح في الإزعاج. فقد حوّل حزب الله عشرات الآلاف من سكان الشمال إلى لاجئين في بلادهم ويفلح الحوثيون في قطع التواصل البحري الإسرائيلي مع الجنوب. وبذلك، تضطر إسرائيل إلى القبول بما كان يُعتبر في نظرها في العام 1956 وفي العام 1967 سبباً يستدعي إعلان الحرب.
من دون تبرير الهجوم البربري الذي نفذه الفلسطينيون على بلدات النقب الغربي، لزامٌ علينا اعتباره الذروة الحالية للكفاح الوطني الفلسطيني العنيف ضد مجرد وجود دولة إسرائيل كوطن قومي للشعب اليهودي في أرض إسرائيل. طوال 75 سنة من تأسيسها، استطاعت إسرائيل كبح الطموح الفلسطيني للقضاء عليها ولتقرير مصير فلسطين كدولة سيادية في المنطقة الممتدة ما بين البحر والنهر. بدايةً، بواسطة فرض الحكم العسكري على الفلسطينيين في داخل حدود الخط الأخضر، وسط صدّ هجمات من خلف خطوط وقف إطلاق النار، ثم لاحقاً بواسطة السيطرة العسكرية على سكان المناطق التي تم احتلالها في حرب الأيام الستة، في الضفة الغربية وقطاع غزة.

السنوات الطوال التي مرّت لم تثبط عزيمة الفلسطينيين ولم تُضعف معنوياتهم. قوة معارضتهم لمجرد وجود إسرائيل تجبي من كلا الطرفين ثمناً دموياً وثمناً اقتصادياً يزدادان باستمرار. كي لا تكون المعركة الحالية بمثابة مقدمة لانفجارات عنيفة أكبر بكثير ولضمان بقاء الوطن القومي للشعب اليهودي في أرض إسرائيل، ينبغي على إسرائيل أن تعرِّف إلغاء المعارضة الفلسطينية لمجرد وجودها باعتباره الهدف الاستراتيجي الأعلى لسياستها.
تأمل الحركة المسيانية في إسرائيل في أن تحقق الهدف، “بِعَوْن الربّ”، بواسطة طرد جميع الفلسطينيين من مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة. ومن وجهة نظرها، فإنّ القتل المكثف في غزة واعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية، والتي يتم تنفيذها برعاية الشرطة والجيش الإسرائيليين، إنما تهدف إلى “تشجيع” الفلسطينيين على الرحيل إلى خارج حدود المنطقة الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية ـ وهي خطوة تعني التطهير العِرقي لنحو 5 ملايين فلسطيني. من الصعب أن نتخيّل أن العالم ـ الذي سيُجبر إسرائيل قريباً على وقف الحرب في عزة حيال عشرات آلاف القتلى والجرحى والدمار المادي والإنساني على نطاق وحشيّ ـ سوف يسمح بهذا الحل.

إخفاق يوم الغفران وإنجازات المصريين في عبور القناة أعادت ترميم كرامة مصر وقادت إلى التوقيع على اتفاقيات السلام. اعتراف إسرائيل بخسارتها في المعركة الحالية، كما أوضحناها أعلاه، من شأنه أن يساعد في إعادة ترميم كرامة الفلسطينيين الوطنية، التي تُداس منذ 56 سنة. هذه، على ما يبدو، مرحلة إلزامية في مسار يؤدي إلى وقف القتال في غزة وصفقة تبادل يتم من خلالها إطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين مقابل جميع المُختطَفين الذين يبقى مصيرهم رهناً بالمدة الزمنية التي ستمر حتى تعترف إسرائيل بهذا الواقع. سوف تضطر إسرائيل إلى الاعتراف بحق الفلسطينيين في دولة مستقلة وسيادية وإجراء مفاوضات مع أية قيادة ينتخبونها هم حول إنهاء الصراع على قاعدة قرارات الأمم المتحدة والمبادرة السعودية. فهل تكون كارثة 7 أكتوبر المُبشِّر بأفق جدية في الشرق الأوسط؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى