محمد نادر العمري – كاتب وباحث في العلاقات الدولية
لم تعد عملية طوفان الأقصى التي انطلق مع بزوغ فجر يوم السبت الماضي تنحصر فقط، ضمن الإطار والنطاق الجغرافي لقطاع غزة أو الأراضي المحتلة، سواء من حيث تغيير قواعد الاشتباك وتغيير موازين القوى أو تكبيل الكيان الإسرائيلي وغيرها الكثير من هذه التداعيات التي باتت اليوم تشبه “فك الكماشة” على هذا الكيان وأدخلته عنق الزجاجة.
بل إن اليومين الماضيين من بدء هذه العملية الفدائية، بدأت تتبلور معها تداعيات استراتيجية كبرى لابد من إن تؤثر على طبيعة العلاقات في المنطقة، ومن شأنها أن تغيير وجه المنطقة على المستوى الاستراتيجي، وأبرز هذه التداعيات تكمن في :
أولاً_ على المستوى العسكري نحن أمام مشهد أكثر دراماتيكية في حال تدحرج الأمور وخروجها عن السيطرة واتساع نطاق الاشتباك وتوحد الساحات، إذا سيكون الوجود الأمريكي مهدداً في المنطقة، وسيقدم الروسي كل الإمكانات لدعم هذا التوجه في حال حصوله في أعلى التقديرات، بينما تتمثل أدنى هذه التقديرات في إضعاف تأثير ودور الكيان على مستوى المنطقة نتيجة تغيير قواعد الاشتباك وموازين القوى التي سترجح كفة كامل المحور المعادي لإسرائيل.
ثانياً_ على المستوى السياسي، فأن هذه العملية من شأنها أن تدفع العديد من الانظمة التي طبعت العلاقة مع الكيان من إعادة النظر بجدوى هذا التطبيع بعد الانتكاسة الكبرى التي تعرضت لها صورة الكيان، كما إن هذه العملية ستدفع العديد من الدول بما فيها السعودية في حال كانت تفكر بالتطبيع، بتجميد هذا التوجه أو تأجيل البحث فيه، نظرا لتأثير مايحصل على توازن القوى في المنطقة.
ثالثاً_ على مستوى الاقتصادي، فإن البعد الاقتصادي سواء المتعلق بتدهور قيمة الشيكل الاسرائيلي وتأثر الاقتصاد نتيجة توقف عجلة الاقتصاد من سياحة وانتاج وصناعة وغيرها مع فرض حالة الطوارئ، فإن هذا البعد الاقتصاد سيعاني كثيرا وخاصة إن الرهان الاسرائيلي في الاستفادة من خط الحزام والطريق ومشروع بايدن” الممر الهندي الأوروبي” ستصبح صعبة، لأن هذه المشاريع الجيواستراتيجية الكبرى تتطلب بيئة من الآمن لايبدو إن “إسرائيل” قادرة على توفيرها.