هل إقتصرت عودة العلاقات السورية- السعودية على “إتفاق فك إشتباك؟”
الكاتب والمحلل السياسي
حسان الحسن
بعد إستعادة سورية لمقعدها في جامعة الدول العربية، ومشاركة رئيسها بشار الأسد في القمة العربية الأخيرة التي إنعقدت في أيار الفائت في جدة في السعودية، لم يبرز أي تطورٍ جديدٍ يذكر على مستوى العلاقات السورية- العربية. وكأن إستعادة دمشق لمقعدها في الجامعة، وقبلها إعادة تفعيل العلاقات الدبلوماسية بين سورية والسعودية، هو مجرد إتفاق “فك إشتباك” بين الطرفين.
بإستثناء زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، لدمشق في الأيام الفائتة.
وعن الأسباب التي أدت الى هذا “الجمود” في العلاقات المذكورة آنفًا، فهي العوائق الغربية التي وضعت أمام دمشق، لثنيها عن تنفيذ بعض المقررات “الجزئية” التي صدرت عن “اجتماع عمان التشاوري حول سورية”، الذي إنعقد في العاصمة الأردنية في الأول من أيار الفائت، بمشاركة وزراء خارجية كلّ من سورية والاردن والسعودية والعراق ومصر. وكان أبرز عائق من هذه العوائق المذكورة، تمثل بالعرقلة الغربية لدمشق من تنفيذ أحد بنود المقررات العربية المذكورة آنفًا، وهو البند المتعلق بإعادة النازحين السوريين إلى ديارهم، الذي قوبل برفضٍ أوروبيٍ، من خلال إستصدار البرلمان الأوروبي في الأيام الفائتة بغالبية نوابه قرار دعم إبقاء اللاجئين السوريين في لبنان، وهو موقف يتماشى مع مواقف مؤتمر بروكسل قبل أسابيع، حينما تم رفض عودة النازحين إلى بلادهم.
ولاريب أن هذا القرار ، شكّل ضغطًا على الدول العربية التي كانت على إستعدادٍ لتمويل عودة النازحين، تحديدًا لناحية إعادة إعمار من تهدّمت بيتوهم وقراهم، جراء الحرب الكونية على سورية، وفي مقدمة هذه الدول، هي المملكة السعودية، التي إسندت إليه عربيًا مهمة متابعة تنفيذ مقرارات “إجتماع عمان”، وبموافقةٍ أميركيةٍ غير معلنةٍ في حينه، قد تكون تبدلت بعض الشيء، عقب التوترات التي حدثت أخيرًا بين القوات الروسية والأميركية في الشرق السوري، بعدما أعلن سلاح الجو الأمريكي، في الأسابيع الفائتة، اعتراض مقاتلاتٍ روسيٍة لطائرة أمريكية بدون طيار في سورية للمرة الثانية خلال يومين، في إشارة على تزايد الاحتكاك بين البلدين في الأجواء السورية، بحسب رأي مصادر سورية معارضة.
في المقابل، تلفت مصادر سياسية سورية إلى أن “الإجتماع التشاوي حول سورية” سيستأنف لقاءاته في القاهرة في وقتٍ قريبٍ، بالتالي سيمضي قدمًا ملف تطوير العلاقات السورية- العربية، رغم العراقيل الغربية التي وضعت أمامه، على حد تعبير المصادر.
وفي السياق عينه، يكشف مرجع لبناني أن ملف العلاقات الثنائية السورية- السعودية يسلك مساره السليم في إتجاه عودة هذه العلاقات إلى ما كانت عليه قبل إندلاع الحرب الكونية على سورية في منتصف آذار 2011، وصولًا الى إعادة تعزيز الدور العربي في المنطقة، الذي يرتكز على “ثالوث” سورية، مصر، والسعودية. ويؤكد أن تعزيز العلاقة السورية- السعودية، سيكون لها إنعكاسًا إيجابيًا على مختلف القضايا العالقة في المنطقة، وفي مقدمها أزمة الشغور الرئاسي اللبناني، وإعادة تنظيم دورة مختلف مؤسسات الدولة اللبنانية، يختم المرجع.
رغم هذا المنحى الإيجابي الذي تتخذه العلاقة بين دمشق والرياض، لا ترى مصادر في المعارضة السورية حلًا للازمة الراهنة، قبل تطبيق القرارات الدولية في سورية، أي إنطلاق العملية السياسية، من خلال عقد مصالحةٍ وطنيةٍ، وإجراء إنتخاباتٍ رئاسيةٍ وتشريعيةٍ ومحليةٍ أيَضًا، ولكن يبدو أن تطبيق هذه القرارات، لايزال بعيد المنال، في ضوء إستعار الإشتباكات الدولية في المنطقة والعالم، تحديدًا بين روسيا وحلف شمالي الأطلسي، كونهما الأكثر تاثيرًا في إمكان إيجاد الحل المرتجى للأزمة المذكورة، تختم المصادر.
يبقى في المحصلة، ان تعويل بعض “المعارضة” على ضغوط غربيةٍ وأوروبيةٍ لكسب نتائج سياسية لم يستطع الميدان ان يفرضها، هو من باب التمنيات، كون القوة هي التي تحكم العلاقات الدولية، واستطاعت سورية ان تتخطى الحرب الكونية ضدها، ومن غير المنطقي ان تعود وتسلم سياسياً ما لم تسلمه قبل الحرب.