تقدير موقف

الصين.. شبحُ أمريكا القادم على ظهر تنين !

مركز سونار الإعلامي، رؤية جديدة في مواكبة الإعلام الرقمي تابعونا على قناة اليوتيوب ليصلكم كل جديد

د.مازن سليم خضور
في اللغة العربية يقال عن اللهيب هو اشتعال النار إِذ خَلَصَ من الدُّخَانِ فهل بدأ لهيب التنين الصيني بذلك بعد أن خَلَصَ داخلياً و خارجيا من ذلك؟
خلال الفترة الماضية تصدرت أخبار التنين الصيني عناوين الصحف والنشرات بما تمثل هذه الأخبار من رسائل ودلالات ومنها تعيين الجنرال الصيني، لي شانغ فو وزيراً للدفاع، الذي يخضع لعقوبات أمريكية منذ عام ٢٠١٨، بسبب تعاونه العسكري مع روسيا في رسالة واضحة لخصوم التنين عن شكل المرحلة المقبلة والتفاهمات الدولية لاسيما لأحزاب الفيل والحمار في الولايات المتحدة ؟
بينما وزير الدفاع الروسي يقول إن “العلاقات مع الصين أصبحت حجر الأساس في الاستقرار العالمي” هذا ما أكده الاتفاق بين طهران والرياض برعاية صينية والمبني على مبدأ احترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدين وتنفيذ اتفاقية التعاون الأمني الموقّعة عام 2001 الاتفاقيةالسعودية الإيرانية الذي وصفها مستشار المرشد الإيراني للشؤون العسكرية اللواء يحيى رحيم صفوي بأنها الضربة الصينية الثانية للولايات المتحدة.
كل ما سبق يشير إلى تصاعد الدور الصيني في المنطقة والعالم بشكل عام هذا الصعود المبني على مقومات عسكرية واقتصادية وسياسية فما هي باختصار:
الجانب الاقتصادي
لأن النفوذ السياسي والعسكري يجب أن يترافق مع تقدم وتطور اقتصادي مالي هذا دفع الصين إلى وضع مشروع “صنع في الصين 2025″ الذي يعبر عن سياسة صناعية حكومية وقومية، تهدف إلى أن تصبح المهيمنة في صناعة التكنولوجيا الفائقة العالمية والاقتصاد العالمي و التي تم تصميمها لتحويل الصين إلى قوة تصنيعية عالمية تركز على تعزيز التصنيع هذه الخطة وجدت فيها الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية تهديداً كبيراً للتجارة الدولية وهذا ما أكده مجلس العلاقات الخارجية في الولايات المتحدة الأميركية من أن تلك الخطة هي تهديد وجودي حقيقي للريادة التكنولوجية للولايات المتحدة.
وتحتل الصين المركز الأول عالميا من حيث النمو ومن حيث الاحتياطي النقدي الأجنبي
الجانب العسكري
قررت الحكومة الصينية مع بداية العام الجاري زيادة المخصصات المالية للجيش الصيني الذي يعتبر الأكبر في العالم من حيث العدد والثاني من حيث الميزانية زيادة بنسبة 7.2% في 2023 مما سيسمح له بمواصلة تحديثه.
وتخطط بكين لإنفاق حوالي (224 مليار دولار) على دفاعها وبالرغم من ذلك فيعتبر هذا الإنفاق أقل 3 مرات من الميزانية الدفاعية الأميركية علماً بأنه لدى الصين قاعدة عسكرية واحدة فقط في الخارج (جيبوتي) في أفريقيا والوجود العسكري للصين في الخارج محدود، باستثناء بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
علاقاتها دولياً
تُعتبر الصين عضواً في العديد من المنظمات الدولية، وتحتل مناصب رئيسية مثل العضوية الدائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وتمتلك حق النقض ( الفيتو) من بين خمسة دول تمتلك هذا الحق في العالم.
وتعمل على الحفاظ على السلام العالمي بالرغم من عدم انخراطها في علاقات دبلوماسية مع أي دولة تعترف ب(تايوان) على أنها أمة مستقلة وموقفها حازم ضد أي نشاطات انفصالية.
على صعيد القضايا والأزمات الإقليمية، تبدي بكين اهتماماً خاصاً بها وعلى سبيل المثال العلاقة مع الدب الروسي فقد ربط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاستقرار الدولي بعلاقة بلاده مع الصين فيما قال وزير الخارجية الصيني إنه كلما ازدادت الاضطرابات في العالم، ازدادت الضرورة لتقدم العلاقات الصينية الروسية إلى الأمام بخطوات ثابتة.
أما العلاقة مع طهران فتظهر ملامحها جليا فيما ذكره المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية “وانغ وينبين” بأن الصين وإيران تتمتعان بصداقة تقليدية، وأن توطيد العلاقات وتطويرها هو الخيار الاستراتيجي للجانبين وهذا ما ظهر من خلال تحقيق المصالحة الإيرانية السعودية.
أما علاقات الصين مع الدول العربية فقد تطورت بشكل متسارع خلال القرن الحادي والعشرين وتحولت الصين إلى أكبر شريك تجاري للدول العربية مجتمعة، وهذا بدا واضحاً في القمة العربية الخليجية نهاية العام الماضي وساندت الصين القضايا العربية في المحافل الدولية ومنها القضية الفلسطينية والحرب السورية واستخدام حق النقض الفيتو أكثر من مرة لمنع تمرير السياسات الغربية والأمريكية في سورية.
أما مع دول الجوار فتؤيد بكين عملية السلام والمصالحة في أفغانستان، وتبدي الصين استعدادها للعب دور فاعل في تعزيز الثقة المتبادلة وتحسين العلاقات بين أفغانستان وباكستان وتؤكد الصين على أهمية الحوار بين كوريا الديمقراطية والولايات المتحدة الأمريكية كشرط أساسي لتسوية قضية شبه الجزيرة الكورية.
المواقف الغربية من التنين:
 الموقف الغربي من الصين بدا واضحاً من خلال ما كشفت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا عنه لتفاصيل خطة مشتركة (أوكوس) تهدف إلى إنشاء أسطول جديد من الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية، بغية مواجهة نفوذ الصين المتزايد في منطقة المحيطين الهندي والهادئ في وقت نددت فيه الصين ببرنامج التعاون الضخم محذرة من أن الاتفاقية تمثّل “طريقاً خاطئاً وخطراً”.
فيما قال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك أن الصين “تمثل تحديًا للنظام العالمي” ويجب على المملكة المتحدة أن تأخذ ذلك على محمل الجد.
الموقف الأميركي عبر عنه وزير الخارجية الصيني عندما قال إن العلاقات الصينية الأمريكية “انحرفت بشكل خطير”ونبه إلى احتمال حدوث صراع.
في الختام
مكانة أي دولة تتوقف على العديد من العوامل الداخلية والخارجية واليوم تبدو الصين وكأنها قطعت شوطاً كبيراً في ذلك بانتظار أن تبدأ جني ما زرعته؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى