دوليكيان الاحتلال

اسرائيل هيوم: خطوة من حرب لبنان الثالثة – إسرائيل تتعمد زيادة المخاطر امام حزب الله

مركز سونار الإعلامي، رؤية جديدة في مواكبة الإعلام الرقمي تابعونا على قناة اليوتيوب ليصلكم كل جديد

اسرائيل هيوم: المحاولة الإسرائيلية لإخراج حزب الله من توازنه ومن أجل تغيير الواقع في الشمال تتسبب في ضربات قاسية للحزب في الأيام الأخيرة، لكنها لم تؤد بعد إلى المنعطف الاستراتيجي المأمول.

 

ويبدو أنه على الرغم من الضرر الذي لحق به، فإن حزب الله متمسك بسياسته، مما يترك معضلة ما إذا كان سيتم تكثيف النشاط على الجانب الإسرائيلي وإلى أي مدى، مع الخطر المستمر المتمثل في التحول إلى حرب شاملة لا يزال الجانبان يسعيان ليى تجنبها.

 

يُظهر اغتيال ابراهيم عقيل اول امس، في أعقاب الهجوم على أجهزة الاتصال المنسوب إلى إسرائيل، قدرات استخباراتية وعملياتية مثيرة للإعجاب، واستعداد إسرائيلي لتحمل مخاطر كبيرة من نفس الهجوم في بيروت.

وكانت المرة الأخيرة التي هاجمت فيها إسرائيل العاصمة اللبنانية – في تموز (يوليو) الماضي، في اغتيال فؤاد شكر (محسن)، الذي كان من كبار الشخصيات العسكرية في التنظيم – ردا على مقتل الـ 12 في مجدل شمس، وليس كجزء من تغيير السياسة كما يحدث الآن

 

يلاحظ ان إسرائيل تتعمد زيادة المخاطر امام حزب الله، وتسعى إلى حشره في الزاوية من أجل التوصل إلى اتفاق يسمح بإخراج قواته من الحدود وعودة سكان الشمال إلى منازلهم. وهذا خط هجومي متشدد يختلف جوهريا عن الأسلوب المنضبط والحذر الذي اتبعته إسرائيل حتى الآن، وله إيجابيات وسلبيات.

 

الاضرار التكتيكية التي يمكن لحزب الله تحملها..

مزاياها البارزة هي إعادة المبادرة إلى إسرائيل، وإلغاء سياسة المعادلات في الشمال المناطق وتحديد أساليب العمل والغاء سياسة معادلة المناطق وطرق العمل المحددة والمقيدة في الشمال ، وحرمان حزب الله من أصول مهمة. وتكمن مساوئها في فقدان الأوراق التي كان من المفترض أن تستخدمها إسرائيل في الحرب، وخاصة في احتمال ان يحشر التنظيم في الزاوية ويبدأ في حرب شاملة ستكون تكاليفها باهظة على الجانب الإسرائيلي أيضاً

 

يبدو أن “السيد”  نصرالله امتنع في الوقت الراهن عن ذلك. الغريزة الفورية هي رؤية عدم وجود رد فعل فوري من جانبه كدليل على الضعف، ولكن يمكن أيضًا تفسير الأمور بشكل مختلف. فبينما تبحث إسرائيل عن نتائج هنا والآن لتغيير الواقع في الشمال، فإن حزب الله مرتاح في الواقع للإبقاء على الواقع كما هو، أي استيعاب ثمن الأضرار الجسيمة التي لحقت بالناس والممتلكات، وهو ما يفسر على أنه ضرر تكتيكي مؤلم لكنه يمكن تحمله ، شرط أن يحافظ على الإنجاز الاستراتيجي المتمثل في «احتلال» الجليل، وهو أمر لا يطاق من وجهة النظر الإسرائيلية.

 

بل إن نصر الله قال ذلك بطريقته الخاصة في خطاب ألقاه يوم الجمعة، أوضح فيه أن حزب الله سيواصل العمل واسناد غزة، مما يعني أن المحاولة الإسرائيلية لقطع الاتصال بين الساحات لن تنجح. وكانت الهجمات المكثفة التي تعرض لها الجليل خلال يوم السبت أيضًا محاولة واضحة لإظهار أن تصرفات إسرائيل الأخيرة لم تحرف حزب الله عن طريقه. إلا أن نصر الله قرر رفع ثمن الرهان قليلاً من جانبه أيضاً، عندما كان تنظيمه يستعد لتوسيع نطاق إطلاق النار إلى منطقة حيفا والخليج – وهو ما أدى الليلة إلى تغيير في التعليمات لسكان المنطقة.

 

 

ورغم أن حزب الله أصبح في موقف دفاعي بشكل واضح في الأيام الأخيرة بسبب الضربات التي تلقاها ، إلا أن حزب الله يظل صاحب اليد العليا، ويتعين على إسرائيل أن تقرر كيفية المضي قدماً. هذا، في حين أن هناك معركة لا تزال مستمرة في غزة في الخلفية (ونشاط مكثف في الضفة الغربية)، وفي ظل ضغوط دولية شديدة – خاصة من الولايات المتحدة وفرنسا – لتجنب التصعيد في الشمال.

 

الاتفاق أو التصعيد..

ويبدو أن التهديد الأكثر فعالية الذي يمكن أن تستخدمه إسرائيل الآن هو الغزو البري لجنوب لبنان، الأمر الذي من شأنه أن يحرم حزب الله من لقبه الأثمن “المدافع عن لبنان”.

 

لقد لمح الجيش الإسرائيلي لذلك بالفعل في الأيام الأخيرة في سلسلة من المنشورات الرسمية إلى أن الاستعدادات للغزو البري قد اكتملت، لكن المعضلة هنا واضحة على خلفية تكاليف الحرب (التي كان حزب الله يستعد لها منذ سنوات، من خلال تحصين القرى اللبنانية شمالي الحدود)، والخوف من اقتراب فصل الشتاء، وبالطبع الاحتمال الحقيقي بأن تؤدي عملية برية إلى اختلال توازن حزب الله، وتؤدي إلى معركة شاملة، تنضم إليها إيران والقوات التابعة لها العاملة في سوريا والعراق واليمن

 

في القيادة الشمالية” يدفعون من أجل مثل هذه الخطوة منذ عدة أشهر، الأمر الذي تم منعه حتى الآن من قبل المستوى السياسي. ويبدو أن إسرائيل لا تزال تختار النشاط الذي لا يتضمن تواجد على الأرض، مما يعني أنها ستواصل محاولاتها لحرمان حزب الله من أصول كبيرة من حيث الأفراد والسلاح.

 

لا تستخفوا بهذه الضربات التي لها وزن كبير في منظمة مركزية مثل حزب الله. شغل عقيل منصبه الحالي لمدة 20 عامًا تقريبًا، وكان مركزًا مهمًا للمعرفة والقناة التي أدار حزب الله من خلالها نشاطاته العملياتية . ومن المؤكد أن إقصائه يجعل من الصعب على التنظيم القيام بعمليات التخطيط وتنفيذ العمليات، كما يحرم نصر الله من مستشار مقرب ومخلص، لكن هذه ليست خطوة لكسر التوازن او المعادلة.

 

لكن من المسلي التفكير في نصر الله المتكبر والواثق من نفسه وهو ينظر حوله بقلق، على خلفية هجوم اجهزة الاتصال الذي أحرق أيضاً محيطه المباشر، وعلى خلفية اغتيال كبار أعضاء تنظيمه. ومن المرجح أنه الآن يفحص كل شيء وكل شخص بخوف وشك، سواء من منطلق القلق بشأن ما ستكون عليه الخطوة الإسرائيلية التالية، أو من منطلق انه كشخص قد يواجه يوما ما هجوما مماثلا. وربما يكون أفضل علماء النفس في الاستخبارات والموساد منخرطين الآن في تحليل تأثير هذه الأحداث عليه، محاولين فهم ما إذا كانت ستدفعه إلى الموافقة على التسوية أم إلى التصعيد.

 

 ثلاث ملاحظات…

وعلى هامش هذه الأمور لا بد من الإشارة الى ثلاث ملاحظات: الأول يتعلق بطريقة اتخاذ القرارات. إن تحركات إسرائيل الأخيرة، التي قد تؤدي إلى حرب شاملة، تتطلب منظومة أوسع لاتخاذ القرار على المستوى السياسي أكثر من تلك التي يتمتع بها الثنائي نتنياهو – غالانت (مع رون ديرمر وجزئياً إسرائيل كاتس). إن الحكومة هي المخولة بإصدار الأمر بالحرب، ووالتي قد تم خصخصتها من صلاحياتها ومن مسؤولياتها.

 

أما الملاحظة الثانية فتتعلق بوزير الجيش ، من المثير للدهشة الاعتقاد بأن نتنياهو كان في الأسبوع الماضي فقط على وشك أن يأمر بإقالة غالانت، من أجل تعيين جدعون ساعر خلفاً وضمه لعصابته السياسية ، والأكثر إثارة للدهشة هو الاعتقاد أنه فيما يتعلق بنتنياهو، فإن العزله والتعيين كانا لا يزالان على جدول الأعمال حتى نهاية الأسبوع. وخيرا فعل ساعر عندما ألغى الفكرة بالأمس، وحسناً لإسرائيل الآن إذا عادت إلى الأنشغال _بالحرب على حزب الله – وليس إلى التكتلات السياسية والمناورات النتنة .

 

والملاحظة الثالثة تتعلق بالاسرى. ولا يزال 101 إسرائيليًا حيًا وميتًا محتجزين في غزة، دون حل في الأفق. ومن الطبيعي أن يؤدي دخول الولايات المتحدة إلى السطر الاخير في السباق قبيل الانتخابات إلى تقليل حجم اهتمام الإدارة بالترويج للصفقة، وعندما تتباطأ مصر وقطر أيضًا، بسبب الإحباط أو اليأس، تُترك إسرائيل وحدها. دون إجابة على التحدي الأبرز الذي يواجهها وهو كيفية إعادة الاسرى إلى ديارهم..

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى