الإشتراكي يرفض خطاب “الإنعزال”.. وسؤال لـ”الواهمين” بحل الدولتين في فلسطين ولبنان
يوسف الصايغ – خاص مركز سونار
يواصل الحزب التقدمي الاشتراكي التأكيد على تمايزه السياسي من خلال المواقف التي أعلنها عدد من نواب اللقاء الديمقراطي خلال النشاطات التي أقيمت بذكرى اغتيال كمال جنبلاط في السادس عشر من آذار، ففي ظل العدوان الذي تتعرض له غزة منذ ستة أشهر وحتى اليوم أكدت مواقف “الاشتراكي” على العلاقة الوثيقة التي ربطت مؤسس الحزب كمال جنبلاط بفلسطين، التي كانت ولا تزال حاضرة في صلب العقيدة التقدمية كنقطة انطلاق في النظرة العروبية والرؤية التقدمية التي بلورها جنبلاط من خلال مبادىء الحزب الذي أنشأه، فكانت حرية فلسطين ونصرتها مبدأ ثابت غير قابل للمساومة.
ومن هذا المنطلق جاءت المواقف الاشتراكية لتؤكد على موقف الحزب في مسألة فلسطين بإعتبارها قضية غير قابلة للمساومة في بازار المواقف السياسية المحلية، ومن بلدة شارون أكد عضو اللقاء الديمقراطي النائب هادي أبو الحسن خلال الحفل الذي اقيم بذكرى 16 اذار على مواقف الحزب الاشتراكي ونظرته الى التطورات الميدانية من غزة الى جنوب لبنان، حيث شدد على موقف الحزب المؤيد للمقاومة الفلسطينية وعملية 7 اكتوبر التي اسقطت نظرية الجيش الذي لا يقهر بعدما أُذل امام ارادة المقاومين الفلسطينيين، كما لفت ابو الحسن الى مشروع تصفية القضية الفلسطينية وتنفيذ صفقة القرن بوجه جديد من خلال تهجير أهل غزة واستكمال مشروع “اسرائيل الكبرى، محذراً من أن هذا المخطط يعني في حال هزمت المقاومة في غزة، الانتقال الى الضفة الغربية ومن بعدها الاردن وصولا الى لبنان مرورا بسوريا، مشيرا في الوقت عينه الى ان انتصار غزة في حربها سيسقط هذا المخطط”.
ولعل الرسالة التي اراد الاشتراكي ايصالها من خلال اعلان موقفه الداعم لفلسطين ومقاومتها التأكيد على رفضه لخطاب فريق الانعزال والتطرف في الداخل اللبناني حيث جاءت مواقفه في خانة التأييد للعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، في إستعادة لخطاب اليمين المسيحي المتطرف في زمن الحركة الوطنية، وما تلا ذلك من مواقف وتجييش مذهبي وطائفي شكلت شرارة إندلاع الحرب اللبنانية بعد حادثة بوسطة عين الرمانة، ومن جهة ثانية كان كلام ابو الحسن واضحا في اعلان موقف مؤيد لجبهة الجنوب كعامل ردع للعدو الاسرائيلي مع التاكيد على ضرورة ابقاء الوضع مضبوطاً وعدم اعطاء العدو ذريعة لتوسيع نطاق الحرب في لبنان، ما يؤكد ان حزب كمال جنبلاط لا يضيع البوصلة في المحطات المفصلية خصوصا عندما تكون فلسطين هي محور الحدث.
الواقعية السياسية للاشتراكي تأتي مقرونة بادراك حساسية الميدان الملتهب وهذا ما أكد عليه أبو الحسن من خلال الدعوة الى خارطة طريق محلية تتزامن مع وقف اطلاق النار في غزة ومحيطها وغلافها وانسحاب اسرائيلي، يواكبها في لبنان وقف الاعتداءات على قرى الجنوب وتطبيق دقيق للقرار 1701 على جانبي الحدود دون اي اجتهادات وتحديد النقاط المختلف عليها من الناقورة وحتى مزارع شبعا المحتلة والالتزام باتفاق الهدنة الموقع عام 1949، على أن تتم مناقشة الاستراتيجية الدفاعية كبند اول على طريق استعادة القرار السيادي في مرحلة لاحقة”.
كذلك شدد ابو الحسن على ضرورة الالتفات للواقع الداخلي فإلى جانب الخطر الاسرائيلي هناك عدو الفقر والحاجة والبؤس والحرمان الذي يشكل الهاجس الاكبر للبنانيين الى جانب ملف النزوح السوري واموال المودعين التي لا ندري كيف ستعود، وعليه كان تأكيد الاشتراكي على ضرورة قيام الدولة وانتظام المؤسسات واولى خطواتها انتخاب رئيس للجمهورية بعيدا عن لغة الاستقواء او الاستئثار او العزل، حيث تتسم المقاربة الاشتراكية للملف الرئاسي بالواقعية والتي تترجم من خلال الدعوة الى انتخاب رئيس بمواصفات لبنانية، يوائم بين المتناقضات من اجل تطبيق معادلة لا غالب ولا مغلوب، ومن هذا المنطق شدد ابو الحسن على انه لا يمكن ان نأتي برئيس لا يحظى بموافقة الكتل المسيحية من جهة، أو يتم فرضه على الثنائي الشيعي ويتجاهل باقي المكونات من جهة ثانية، مشيرا الى ان انتخاب رئيس وفق هذه الآلية يتيح تشكيل حكومة وحدة وطنية وتبني مشروع انقاذي اصلاحي حقيقي”.
وبعيدا عن المزايدات الشعبوية وردا على الغلاة والواهمين بحل الدولتين في فلسطين سأل ابو الحسن على أي أساس سيكون هذا الحل وغزة تنزف والضفة محتلة وهل من ضمانة باستئصال المستوطنين حتى تقوم الدولة الفلسطينية؟ مشددا أن لا حل على مستوى مسألة فلسطين الا بالعودة الى المقررات التي تكرست في قمة بيروت العربية عام 2000، كذلك سأل ابو الحسن “الواهمين” المطالبين بحل الدولتين في لبنان لماذا لم يستفيدوا من التجارب التي مرت على لبنان وكلّفت الكثير، ومن هنا كانت دعوته لهم للعودة الى وعيهم وقول الحقيقة وترك الحسابات الدفينة تارة تحت شعار اللامركزية الادارية الموسعة، وتارة أخرى تحت ذريعة شعار الفيدرالية التي لا تحل الازمة، مؤكدا أن الحل الوحيد يبقى بالطائف والتوافق والتراجع خطوة الى الخلف من اجل التقدم خطوات الى الامام”.