فيما يموت أطفال غزة جوعاً..خضراوات النشامى الأردنيين تُصدّر إلى كيان الاحتلال!
مركز سونار الإعلامي | sonarlb
في حين يموت أطفال غزة إما تحت وطأة آلة القتل الصهيونية أو التضور جوعاً أثارت صورٌ حديثة نشرتها مصادر عبرية لخضروات أردنية المنشأ في الأسواق الإسرائيلية، موجة من السخط في الشارع الأردني، حيث ظهرت على بعض الأصناف كالبندورة والخيار والكوسا ملصقات تشير لشركات أردنية محلية، موجودة في العاصمة عمّان ومنطقة الأغوار الحدودية.
الأمر الذي أثار سخط واستهجان الشارع الأردني والعربي وارتفعت وتيرة المطالبات الشعبية في الأردن من الحكومة بوقف تصدير المنتجات الزراعية والبضائع إلى كيان الاحتلال، كذلك منع إعادة تصدير سلع موردة من الخارج، وذلك في إطار التنديد المستمر بالعدوان على قطاع غزة.
احتجاجات شعبية
شهدت العاصمة عمان والعديد من المحافظات الأردنية وقفات شعبية لعدد من المواطنين وتنظيم سلسلة بشرية على طريق سريع قرب العاصمة عمان للمطالبة بوقف عمليات التصدير إلى الاحتلال الاسرائيلي وتنديدا بسماح الحكومة الأردنية بمثل ذلك.
فيما أوقفت الشرطة المتظاهرين على الطريق السريع المؤدي إلى المطار لمنعهم من الوصول إلى سوق الخضار المركزي في منطقة الأغوار القريبة من الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلا أن المئات منهم تمكنوا من التجمع على جانب الطريق السريع رافعين الأعلام الفلسطينية واللافتات للتعبير عن غضبهم، وردد المتظاهرون شعارات مؤيدة للمقاومة الفلسطينية، وطالبوا الحكومة بإنهاء العلاقات الدبلوماسية مع كيان الاحتلال الإسرائيلي وإلغاء معاهدة السلام.
كما أطلقوا شعارات ضد الولايات المتحدة والدول الأوروبية التي تدعم كيان الاحتلال في حربه على غزة، وحمل بعض المتظاهرين لافتات كـُتب عليها: “أوقفوا جسر العار، أوقفوا تصدير الخضار”.
وقالت سيدة شاركت في المظاهرة، دون الكشف عن هويتها: “هل يعقل أن يجوع أهلنا، ونحن نطعم الصهاينة الغاصبين؟ في أي عقل هذا وفي أي فكر هذا؟ نطعم عدونا ونحرم أبناءنا؟ أوقفوا هذه المهزلة، أوقفوا مرور الشاحنات من الأردن، والله والله والله أخزيتمونا”.
تنصل من المسؤولية
في تصريحات صحفية، قال وزير الزراعة خالد الحنيفات الخميس: إن الحكومة الأرددنية ووزارته لا علاقة لهما بتصدير الخضار والفواكه إلى الاحتلال الإسرائيلي ولا تشجع عليه، وأضاف: إن الحكومة لا تستطيع اتخاذ قرار بمنع التصدير الى جهة معينة، ومن الصعوبة بمكان وقف إعادة التصدير للأضرار الاقتصادية التي تترتب على ذلك، مشيرا إلى أن المصدّر يحصل على شهادات منشأ للبضائع المراد تصديرها إلى الخارج من خلال غرف التجارة وليس من الجهات الحكومية، ولفت إلى أن التصدير ووقفه إلى الكيان الإسرائيلي يعود للقطاع الخاص الذي يرتبط بعقود تصديرية منذ فترة طويلة وتترتب عليه التزامات مالية، وكان وزير الزراعة وجه توبيخا نادرا للتجار الذي يصرون على التصدير لكيان الاحتلال الإسرائيلي في هذا الوقت.
وتحدث عن عدم وجود آلية قانونية تمنع تجار الخضار من التصدير إلى كيان الاحتلال، “لكن نقول لهم في ظل هذه الظروف استحوا على حالكم شوي (اخجلوا من أنفسكم)”.
فيما كان رد الناطق باسم الحكومة الأردنية مهند مبيضين على موضوع تصدير المنتجات لكيان الاحتلال: إن “مسألة منع تصدير البضائع ليست من اختصاص الحكومة، فهي لا تستطيع إيقاف نشاط أي تاجر”، مشيرا إلى أن الحدود ليست مغلقة والوزارة لا تمارس الرقابة، وأضاف مبيضين “كما أن المقاطعة خيار فردي لا نجبر الناس على إيقافه، فكذا هو الحال في هذه المسألة، حيث لا نستطيع منع التاجر، ويمكن له أن يقاضي الحكومة إذا أقدمت على منعه”.
أما مدير عام اتحاد المزارعين الأردنيين محمود العوران فقال إنه “ليس هناك تطبيع بين المزارعين في الأردن مع الاحتلال، ومن غير المعقول أن يقوم التاجر الأردني بتصدير محاصيله للكيان الإسرائيلي”.
وأضاف العوران: إن “هناك حالات فردية من بعض تجار الداخل المحتل، حيث يحصل بعضهم على المحاصيل من المزارع الأردني ثم يقوم ببيعها للكيان”، مشيرا إلى أنه “لا سلطة للمزارع على المنتج بعد أن يتم بيعه”.
ودفع هذا الأمر حملة “قاطع” للقول إن “تبرئة التاجر عبر القول إنه يبيع لتجار من الداخل المحتل هو تبرير واهٍ، حيث من الطبيعي أن يكون واضحا للتاجر والمزارع من سيبيع، وأين ستؤول تلك المنتجات، ويجب عليه أن يتحرى ذلك”، وفقا للحملة.
من المسؤول إذاَ ؟
عملياً، كان يمكن على الأقل سياسياً وبيروقراطياً «مقايضة الخضراوات الأردنية» بكميات خضار مماثلة تشترط عمان وصولها لشمال قطاع غزة.. ذلك لم يحصل، وعلى الأرجح لم يناقش لأنه مسألة تختص بوزارة الخارجية وليس الزراعة.
ليس سراً أن البند القانوني الذي يتيح لوزارة الزراعة حظر تصدير سلع زراعية لأن السوق المحلية تحتاجها، ليس وحيداً أو يتيماً في مضمار الصلاحيات الواسعة ضمن نصوص أوسع في الإطار والسياق البيروقراطي أمام أي وزير أردني، على سبيل المثال لا الحصر ، محتوى فكرة الوزير حنيفات أن صلاحيات وزارته في منح رخص الاستيراد، وأن وزارته لا تصدر رخص تصدير أي مادة زراعية، وأن المسألة تخص غرف التجارة والقطاع الخاص، لكن ثمة في القطاع الخاص من يحاول أو حاول مؤخراً تذكير وزير الزراعة بأن البروتوكول القانوني المباشر لا يسمح للوزارة بمنع التصدير لأي جهة صحيح.
ولكن الصحيح أيضاً أن هناك بنوداً ونصوصاً في القوانين تسمح لوزير الزراعة عشية شهر رمضان وفي ظل ارتفاع أسعار بعض المنتجات الزراعية المحلية وفي ظل ندرة بعضها الآخر مع موجات الصقيع بمنع تصدير مادة زراعية تحتاجها الأسواق المدنية المحلية.
وليس صحيحاً، في المقابل، أن السلطات السياسية والحكومية الأردنية لا تستطيع التعامل مع ما هو سيادي بصورة عابرة لنصوص القانون، وأن المعاملات التصديرية يديرها حقاً القطاع الخاص.
التخفي وراء الصلاحية القانونية في الحفاظ على الموقف السياسي يحصل طوال الوقت في قضايا أقل أهمية، ويمكنه أن يحصل، وكل ما يحتاجه قرار من طراز التصدي لهؤلاء السماسرة والتجار ليس لجان مقاومة التطبيع وإصدار قوائم سوداء والدعوة عبر بيانات إلى «تشميسهم» عشائرياً، بل إغراق مسألة التصدير بسلسلة لا نهائية ومألوفة يعرفها الأردنيون من التعقيدات البيروقراطية، على الأقل بصورة غير علنية.
بطبيعة الحال تذرع وزير الزراعة بمسألة الصلاحيات القانونية ليس سوى غطاء لأن مسألة تصدير الخضار في الوقت الراهن إلى داخل الأراضي المحتلة يدخل في سياق سياسي محض، ولكن عملياً الاستمرار في تصدير الخضار والفواكه طبعاً مسألة يمكن لموظف صغير في منطقة الأغوار وعلى الحدود وفي سلطات الجمارك مثلاً أن يعوقها، وقد لا يحتاج الأمر حتى لمكتب وزير الزراعة، لكن ذلك ليس هو الخيار؛ لأن خيار الحكومة الأردنية برمتها ووزير الزراعة أو غيره لا يستطيع أن يشذ عنها، هو البقاء في حالة شبكة توازن المصالح مع الإسرائيليين.