استراتيجية

“المناطق الحرة”.. بين تحذيرات جنبلاط وأحلام معارضي السويداء

مركز سونار الإعلامي، رؤية جديدة في مواكبة الإعلام الرقمي تابعونا على قناة اليوتيوب ليصلكم كل جديد

يوسف الصايغ | صحفي 

لم يكن تحذير وليد جنبلاط من مغبة الإنجرار خلف مشاريع التقسيم في السويداء التي يروج لها أمثال وليد فارس مجرد كلام انفعالي او في سياق موقفه المناهض للدولة والنظام في سوريا، فجنبلاط الذي يتميز بقدراته المعلوماتية وقدرته التحليلية، سارع الى التنبيه من خطورة ما يحاك للسويداء من مشروع لا يصب في مصلحة المحافظة واهلها، ومن هنا كانت تغريدته التحذيرية والتي يبدو أنها أثارت حنق الدائرة المقربة من الادارة الاميركية حيث سارع مدير التحالف الأميركي – الشرق أوسطي توم حرب للرد على كلام جنبلاط الذي يبدو انه أصاب هدفه داخل دوائر القرار.

طبعا لا يشكل موقف جنبلاط اي تبدل في موقفه تجاه دمشق وقيادتها، ولكنه اكثر العارفين بأن الرهان على الاميركي ينتهي دوما بالهزيمة، وهو الذي يستشهد دائما بتجربة أفغانستان مع الأميركيين، ومن هذا المنطلق أراد جنبلاط ان يحذر أصحاب بعض الرؤوس الحامية في السويداء من خطورة الانجرار في ما يسميه بـ”لعبة الأمم” في توصيف المشهد القائم في السويداء راهناً.

ولعل أكثر ما يدلل على واقعية جنبلاط رغم تموضعه السياسي في الضفة المقابلة للنهر، ما أعلنه وليد فارس في مقاله الأخير الذي يشرح فيه “إيجابيات” اقامة “مناطق حرة” في سوريا، العراق، ولبنان، تحت شعار الحد من “النفوذ الايراني” وما شابه واقامة ادارات حكم ذاتي على ان تكون تحت رعاية واشنطن والتحالف الدولي، بناء على طلب قيادات تلك “المناطق الحرة”.

ومن خلال الاطلاع على خريطة المناطق الحرة في الدول الثلاث يتبين واضحا ان هدفها قطع الطريق على الشريان الحيوي لمحور المقاومة الذي يمتد من العراق الى لبنان عبر سوريا والذي كان دوره أساسيا في إحباط مخطط داعش في المنطقة، ويبدو ان فارس بات يروج لمشروع بديل عن امارات داعش التي سقطت، ومن هنا يمكن فهم مخاوف وليد جنبلاط وتحذيراته من مشروع وليد فارس لانه يعني القضاء على الصيغة القائمة حاليا لصالح مناطق تحكمها إدارات ذاتية، وهي تدغدغ احلام البعض ليس فقط في سوريا بل في لبنان ايضا، حيث ظهر الخطاب الذي يصب في هذا الاتجاه بُعيد حادثة الكحالة، حيث صدرت مواقف علنية تروّج لمقولة عدم القدرة على “التعايش مع دويلة حزب الله”، ما يعني دعوة غير مباشرة لمناطق منعزلة او منفصلة وهي ما عبّر عنه وليد فارس بمصطلح “مناطق حرة”، ومن هنا يمكن فهم مخاوف وليد جنبلاط مما يتم الترويج له من مشاريع انفصال وتقسيم في السويداء، لأن شظاياه ستطال لبنان بشكل او بآخر، علما أن ما يروّج له وليد فارس من مشروع لإقامة “مناطق حرة” يبقى مجرد فكرة نظرية غير قابلة للترجمة لان الإدارة الأميركية تدرك جيدا موازين القوى، وهي ليست بصدد الدخول في أي مغامرة عسكرية في المنطقة، حيث يبدو ان وليد جنبلاط هو الاكثر واقعية في قراءة ما يحصل وأعرب عن مخاوفه من ان يقع معارضي السويداء ضحية مشاريع وهمية، ومن هنا جاء تحذير جنبلاط لدروز السويداء من مغبة الاصغاء الى “أصوات اليمين الصهيونى أمثال وليد فارس وجماعته”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى