عودة بهاء الحريري.. إستعادة للشارع السني أم منع الانفتاح على “الحزب”؟
يوسف الصايغ
بيروت 29 حزيران 2024
طرحت عودة رجل الأعمال والنجل الأكبر للرئيس الشهيد رفيق الحريري بهاء الحريري الى لبنان في ظل تطورات جبهة الجنوب، وما يرافق ذلك من تبدل في المزاج الشعبي لدى الطائفة السنية الكثير من التساؤلات حول توقيت هذه العودة وأهدافها الحقيقية، خصوصا وان الساحة السنية تعاني منذ إعتكاف رئيس تيار المستقبل سعد الحريري من “فراغ قيادي” لم تنجح الشخصيات التي دخلت الى المعترك السياسي لا سيما بعد السابع عشر من تشرين في تعويضه، رغم ان بعض الاسماء كانت تدور في فلك التيار الأزرق وزعيمه الذي يبدو أنه لم يحصل على الضوء الأخضر السعودي المطلوب والذي يتيح له العودة الى المشهد السياسي في لبنان، رغم ان البعض إستبشر خيراً عند عودته لإحياء ذكرى والده في شباط الفائت، لكن الآمال بعودة الحريري سرعان ما تبخرت بعد الإقامة القصيرة للشيخ سعد في بيروت والعودة الى الإمارات حيث يتابع أعماله.
كذلك قرأت جهات متابعة أن مشهد عودة بهاء الحريري واعلانه العمل على استكمال نهج والده كمحاولة من اجل استقطاب الشارع السني بشكل عام والجمهور الأزرق بشكل جزئي في ظل “حالة الضياع” التي يعيشها منذ اعتكاف شقيقه سعد العمل السياسي، لكن المتابع لموقف أنصار المستقبل يدرك ان المستقبليون لا يجدون في بهاء بديلا عن شقيقه سعد، ولعل الجولة التي قام بها أمين عام تيار المستقبل أحمد الحريري الى البقاع، تأتي كرد غير مباشر على عودة بهاء الحريري الذي يستعد لإطلاق محركات نشاطه السياسي، وبالتالي يمكن القول ان تيار المستقبل يسعى الى تطويق حركة بهاء الحريري في مناطق نفوذه وفي هذا السياق جاءت زيارة أحمد الحريري الى البقاع واللقاءات التي عقدها لا سيما مع المفتي الشيخ د. علي الغزاوي، لإيصال رسالة مفادها أن “دار الفتوى ملتزمة بتيار المستقبل وزعيمه سعد الحريري كمرجعية سياسية لأهل السنة”.
من جهته إستهل بهاء الحريري نشاطه من العاصمة بيروت بزيارة ضريح والده في قرأ سورة الفاتحة عن روحه وأرواح رفاقه الشهداء، قبل أن ينتقل إلى مسجد محمد الأمين بما يحمل من رمزية حيث أدى الحريري صلاة الجمعة، ومن ثم توجه إلى مركز الزاهر، المقر العام لمؤسسات الرعاية الاجتماعية في لبنان في منطقة الظريف، حيث كان في استقباله رئيس مجلس العمدة عارف اليافي وأعضاء المجلس، كما أقيم حفل غداء على شرف الحريري، بحضور عدد كبير من الشخصيات البيروتية.
وهناك رأي آخر يرى أن عودة بهاء الحريري لا ترتبط فقط بإستكمال مسيرة والده وإستعادة الشارع السني، بل أنها تأتي في إطار الجهود الخارجية لإحتواء الشارع السني في لبنان بظل حالة التعاطف الكبيرة في المناطق التي تشكل ثقل أهل السنة في لبنان مع حركة حماس والجماعة الإسلامية في لبنان، حيث باتت صور أبو عبيدة الناطق العسكري بإسم حماس منتشرة في بعض المناطق التي يشكل اهل السنة مركز الثقل فيها، وما يرافق ذلك من تقارب وانفتاح من قبل بعض القوى والشخصيات السنية على حزب الله على وقع معركة طوفان الأقصى، وفي هذا السياق برز اللقاء الذي جمع أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله بأمين عام الجماعة الإسلامية في لبنان محمد طقوش، كذلك لا بد من الإشارة الى مواقف بعض الشخصيات التي كانت تصنف ضمن “الصقور” في مواجهة حزب الله وأبرزهم النائب السابق خالد الضاهر الذي أعلن مؤخراً مواقف لافتة في دعم وتأييد الحزب، وفي سياق متصل تجدر الإشارة الى مواقف المفتّش العام المساعد لدار الفتوى الشيخ حسن مرعب في إعلان دعم مقاومة حزب الله ووقوفه إلى جانب غزة ومقاومتها، رغم ان مرعب كان ممن ينتقدون آداء حزب الله قبل معركة طوفان الأقصى التي دفعت بالشيخ مرعب الى تجاوز خطاب المرحلة السابقة واعلان الدعم لدور الحزب في الجنوب كجبهة إسناد لجبهة غزة.
وعليه يبدو ان عودة بهاء الحريري الى بيروت لا ترتبط بهدف إستكمال مسيرة والده كما أعلن لحظة وصوله الى مطار بيروت، بل تحمل في طياتها أكثر من هدف خصوصا بظل التبدل الحاصل في المزاج السني العام والذي بات منفتحاً أكثر من أي وقت مضى على حزب الله، حيث أسقطت عنه صفة “الخصم لأهل السنة” وبات من وجهة فئة كبيرة لدى أهل السنة بمثابة داعم وشريك للمقاومة في غزة، وهذا يشكل إنجازاً كبيراً على مستوى الساحة اللبنانية، والتي سبق وأن دفعت ثمن التحريض الطائفي والمذهبي وترجم ذلك ببروز حالات شاذة كحالة أحمد الاسير التي ناصبت العداء لحزب الله خصوصا والشيعة عموماً نتيجة لهذا التحريض والتجييش المذهبي الذي كان قائما بتمويل ودعم خارجي…
فهل تهدف عودة بهاء الحريري لمنع الانفتاح السني الحاصل على حزب الله؟