حديث “التطبيع” في لبنان: ما له وما عليه
ليلى نقولا/ أستاذة العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية-لبنان

أولاً: في الشق القانوني؛ مسار التطبيع يجب أن يبدأ باتفاقية سلام ثم يأتي بعدها أو “ضمنها ” بنود للتطبيع، ولا يمكن اختصار المراحل بالذهاب إلى التطبيع مباشرة.
-في التعريفات:معاهدة السلام ومعاهدة التطبيع هما اتفاقيتين دبلوماسيتان، لكنهما تخدمان أغراض مختلفة في العلاقات الدولية. يمكن لاتفاقية السلام أن تتضمن بنوداً أو مساراً للتطبيع.
معاهدة السلام، هي اتفاقية رسمية يتم التوصل اليها بوساطة خارجية (أمم متحدة أو دول ثالثة) تُنهي رسميًا حالة حرب بين طرفين أو أكثر، وتتضمن عادةً شروطًا تتعلق بوقف إطلاق النار، والتسويات الإقليمية، ونزع السلاح، والتعويضات الخ.
أما اتفاقية التطبيع، فتُنشئ أو تُعيد (بعد انقطاع) علاقات دبلوماسية كاملة بين الدول، غالبًا بعد فترة من العداء أو عدم الاعتراف.
تركّز هذه الاتفاقية على تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والسياحي، والتبادل الثقافي، ولا تُعنى بمجال الحرب وعدم الاعتداء أو سواه.
– في القانون الدولي: معاهدة السلام هي اتفاقية ملزمة قانونًا بين الدول المتحاربة، تُنهي رسميًا حالة الحرب، وقد يؤدي انتهاكها الى تجدد حالة الحرب أو للتقاضي بين الدول في محكمة العدل الدولية.
– تخضع هذه المعاهدة لقواعد القانون الدولي الإنساني (قانون النزاعات المسلحة) واتفاقية فيينا لقانون المعاهدات (1969).
– اتفاقية التطبيع تهدف الى تعزيز العلاقات بين دول كانت في السابق معادية أو لم تكن تربطها علاقات رسمية.
– تخضع لاتفاقية فيينا لقانون المعاهدات خاصة البنود التي تتحدث عن “تطبيق المعاهدة بحسن نيّة”، وللقانون العرفي الذي ينص على احترام سيادة الدول والاعتراف الدبلوماسي المتبادل بين الدول.
ثانياً: في الشق السياسي:
الحديث عن التطبيع في لبنان يبدو خارج السياق لسببين:
1- الدول العربية التي قامت باتفاقيات تطبيع مع “إسرائيل”، لم يكن لديها أراضٍ محتلة ولم تكن من دول الطوق، وبالتالي أمكنها الذهاب مباشرة الى التطبيع بدون الحاجة لتوقيع اتفاقيات سلام.
أمّا في لبنان، فالمطلوب قبل كل شيء أن تنسحب “إسرائيل” من الأراضي اللبنانية المحتلة سواء تلك التي حصلت بعد الحرب الأخيرة أو ما قبل ذلك، بالإضافة الى احترام سيادة لبنان والتعهد بعدم الاعتداء وخرق الأجواء اللبنانية الخ. (والأكيد أن “إسرائيل” لن تقبل بالقيام بذلك بدون شروط سياسية تتدخل فيها بالشأن اللبناني).
2-لبنان سوف يلتزم بالسقف العربي ولن يذهب للسلام أو التطبيع بدون العرب ولا مصلحة له بذلك، علماً أنّ السقف الذي وضعته المملكة العربية السعودية للتطبيع وهو تشكيل دولة فلسطينية على حدود 67 عاصمتها القدس الشرقية، هو السقف الذي يجب أن يلتزمه جميع العرب، وهذا ما أكّده رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في خطابه في القاهرة. (و”إسرائيل” لن تقبل بإعطاء أي حق بسيط للفلسطينيين ناهيك عن أعطائهم دولة).