تقدير موقف

هل تلجأ “إسرائيل” لسياسة الإغتيالات لقادة حماس ؟ وهل ذلك ممكن ؟

مركز سونار الإعلامي، رؤية جديدة في مواكبة الإعلام الرقمي تابعونا على قناة اليوتيوب ليصلكم كل جديد

أكرم فخر الدين

في أيلول من العام 1972، قامت مجموعة ثورية فلسطينية تطلق على نفسه اسم “أيلول الأسود” بإستهداف أعضاء الفريق الأولمبي الإٍسرائيلي المشارك بدورة الألعاب الأولمبية في مدينة “ميونيخ” الألمانية، حيث قُتل حينها 11 من أعضاء الفريق الإسرائيلي، وكعادتها لجأت “إسرائيل” حينها الى موجة إغتيالات واسعة إستهدفت العديد من قيادات المنظمات الفلسطينية ممن اتهمتهم بالضلوع للتخطيط لهذه العملية.

منذ ذلك الحين، أصبحت هذه السياسة سمة بارزة للأجهزة الأمنية الإسرائيلية وخاصة جهاز “الموساد” الذي يتولى هذا النوع من العمليات القذرة خارج حدود فلسطين المحتلة، بينما يتولى جهاز “الشاباك” التصفيات في الداخل الفلسطيني. وهذه السياسة تعتمدها الأجهزة الأمنية والجيش الإسرائيلي عندما يعجزون عن المواجهة المباشرة أو لتغطية فشلهم وهزيمتهم.

وهذا المعنى صرّح به بشكل واضح رئيس جهاز الشاباك الإسرائيلي رونين بار مطلع الشهر الحالي في تصريح له مع وسائل إعلام عبرية، حيث تحدث بار عن تصفية “قادة حماس” حول العالم، واستحضر على نحو لافت “عملية ميونيخ”، وذلك بقوله في تسجيل مصور: “حدد لنا مجلس الوزراء هدفا.. هو القضاء على حماس.. هذه ميونيخ الخاصة بنا. سنفعل ذلك في كل مكان”.

تهديدات بار، سبقتها أخرى لرئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو التي قال فيها أنه أعطى الأوامر للأجهزة الأمنية الإسرائيلية بإستهداف قادة حماس في العالم، وتناولت وسائل إعلام  العدو أسماء العديد من قادة حماس في الداخل والخارج من المستهدفين بالإغتيال وعلى رأسهم طبعا القائد يحيى السنوار…

بالأمس، تحدثت صحيفة “الغارديان” البريطانية عن حملة استهداف لقادة المقاومة، لأن “استخبارات إسرائيل تلجأ للاغتيالات لشعورها بالمهانة” بحسب التعبير الحرفي للغاردين. وتوقعت “الغارديان” ان هذه الحملة ستأتي بنتائج عكسية، نظراً للتجارب التاريخية التي أثبتت أن جذوة المقاومة تزداد إشتعالاً وتألقاً بعد هذا النوع من العمليات وخير دليل على ذلك ما حصل بعد موجة الإغتيالات التي طالت قادة حماس وعلى رأسهم الشيخ المجاهد احمد ياسين والقائد الكبير فتحي الشقاقي من حركة الجهاد الإسلامي وسيد شهداء المقاومة السيد عباس الموسوي في لبنان.

ولكن بغض النظر عن تداعيات وإنعكاسات هذه الحملة التي يلوّح بها العدو، هناك سؤال محوري يسبق ذلك، وهو هل ان “إسرائيل” قادرة على تنفيذ هذه الحملة، ولو كانت قادرة فما الذي يمنعها؟

نشير بداية الى هذه التهديدات ليست جديدة، فهي مستمرة ومتواصلة منذ بداية الصراع في أربعينيات القرن الماضي، و”إسرائيل” لا تفوت أي فرصة تتاح لها، وبالتالي فإن هذا التهديد فارغ المضمون، لأن “إسرائيل” او كانت قادرة لما تأخرت، وأن هناك الكثير من العقبات والموانع التي تعيق هذه الحملة سواء كانت ميدانية وعملية بسبب الإجراءات الدقيقة التي تتخذها قيادات المقاومة وخاصة داخل الأراضي المحتلة، او بسبب الحساسية السياسية والديبلوماسية التي قد لا تستطيع إسرائيل تحملها وخاصة في حال إستهداف بعض قادة المقاومة المتواجدين في بعض الدول “الصديقة” للكيان مثل قطر وتركيا.

وبالعودة الى النتائج العكسية، قال الصحفي المعروف الإسرائيلي يوسي ميلمان، إن استراتيجية الاغتيالات “لا تحل أي شيء”. مع الإشارة الى ان ميلمان على علاقة وثيقة مع قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وهو يعكس غالباً وجهة نظر هذه الأجهزة. ويضيف ميلمان: “لقد قتلنا مؤسس الجهاد الإسلامي في فلسطين وقتلنا مؤسس حماس (أحمد ياسين في عام 2004).. وحتى عندما يكون هناك تأثير استراتيجي حقيقي، كما هو الحال مع مقتل مغنية، فإنه لا يكون دائماً.. حزب الله لا يزال حياً وينشط”.

وختم ميلمان، أن “مجتمع الاستخبارات الإسرائيلي مغرم بالاغتيالات، والآن يشعرون بالخجل والإذلال ويريدون خلاص أنفسهم”. إذن الأمر يتعلق بتعويض بعض “ماء الوجه” ليس أكثر، والخروج لبعض الوقت من حالة الإذلال والضعف، وبالتالي فإن قادة الكيان يعلمون أن هذا النوع من الإغتيالات لا تعدو كونها “فشة خلق” هذا لو كان بالإمكان تحقيقها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى