لم يبق لهم عذر!
محمد حسن الساعدي | كاتب ومحلل سياسي عراقي
بات من المؤكد أن الضوء الأخضر، الذي حصلت عليه إسرائيل من واشنطن، سيشجعها على إرتكاب المجازر الافضع، وتجاوز كل الخطوط الحمراء، بل وسيحول واشنطن الى شريك أساسي، في الحرب على الشعب الفلسطيني وتحديداً في غزة..
صار واجبا على المجتمع الدولي أن يتراجع خطوة الى الوراء، وينظر إلى السبب الأساس للأحداث المفزعة، التي وقعت نهاية الاسبوع الماضي، والتي راح ضحيتها أكثر من ستة الأف بين شهيد وجريح، بالإضافة لعشرات المباني المدمرة، وما رافقها من إنهيار البنى التحتية والخدمية لقطاع غزة، الأمر الذي سيجعلها منطقة منكوبة، لما تعرضت له من دمار كبير، وما زالت تحت وطأة الماكنة الصهيونية، التي عبرت بوضوح عن نواياها، وتاريخها الأسود المضرج بدماء الأبرياء.
المجتمع الدولي يتحمل كامل المسؤولية في أيقاف، هذه الحرب الهمجية غير المتكافئة بين الآت الدمار الشامل الصهيونية، وبين الشعب الأعزل الذي يريد العيش بكرامة على أرضه، وأن ينظر إلى السبب الأساس للأحداث المأساوية التي وقعت، وراح ضحيتها الألاف بين أبناء الشعب الفلسطيني، لكيلا يتفاقم الوضع ويستمر أطول إحتلال في التاريخ الحديث، ورغم المساعي العربية لتخفيف أثر الهجمة الصهيونية على غزة، عبر فتح ممرات لنقل الغذاء والماء لغزة عبر مصر، التي تسعى هي الأخرى اللعب على جراح الفلسطينيين، وأن تسعى لإقناع حلفاءها في واشنطن وأروبا، بان الوساطة في الشرق الأوسط لا يمكن أن تمر، الا عبر القاهرة وليس أي عاصمة أخرى.. لا زالت المحاولات فاشلة، بسبب تعنت الصهاينة وتماهي الغرب معهم.
طوفان الأقصى أزاحت اللثام عن تلك الوجوه، الملطخة بعار المذلة والخيانة وتقبيل الاحذية، المنخرطين بعار التطبيع (الصهيوأمريكي) وقد أزالوا ما بقي من حياء وجوههم الخشنة الكالحة بفعل التبعية للغرب، فقد كشفت فصائل المقاومة عن الأسلوب الجديد في تحقيق النصر، عبر القوة والقدرة التي يمتلكوها، وما حققوه من نصر ليس عسكرياً فحسب بل وسياسياً أيضاً، لان الهجوم المفاجئ الذي قامت به حماس، قد أطلق رسالة مهمة بأنها أقوى من السلطة الفلسطينية المحاصرة، وأستطاعت قلب الوضع الراهن غير القابل للاستمرار..
من جانب أخر فمن الممكن أن يتحول هذا الصراع إلى أبعد من ذلك، ليمتد ويشمل لبنان ويشعل حربا أقليمية وبسرعة، لانه قد يجذب كل القوى التي ترفض الهيمنة الامريكية على المنطقة، ويدخلها في متغيرات يصعب التنبؤ بها.. كما يمكن للترسانة التسليحية للمقاومة في لبنان أن يقلب المعادلة تماماً، حيث تحتاج إسرائيل أن تتعامل مع طبيعة السيطرة على ساحة المعركة، الذي وكما يبدو فالمقاومة تسيطر تماماً على الارض ووضعت الحركة العسكرية لقطعات الجيش الاسرائيلي تحت سيطرة نيرانها، كما يرجح أن تتسبب ترسانتها من الصواريخ الدقيقة، والمقاتلين المتمرسين في حرب الشوارع والعصابات، بأضرار جسيمة بالبنية التحتية الاسرائيلية، لذلك فأن تل أبيب تخشى مثل هذا الصدام مع لبنان، وستسعى الى تطويق الازمة بسرعة.
يعتقد وكما يرى المراقبون أن المجتمع الدولي صار محرجا، ولم يبقى له عذر أمام الهمجية الصهيونية، وكيف بانت وحشيتهم بقتلهم للاطفال والابرياء في مستشفى المعمداني الأهلي، والذي راح ضحيته المئات من الشهداء والجرحى، وصار يطالب بوقف إراقة الدماء، وأضطر للأعتراف بان ما جرى في غزة مذبحة جماعية، وأن الحرب غير متكافئة بين الطرفين، مع إدعاء السعي لإيجاد حل نهائي وجذري، عبر إنهاء إحتلال الكيان الصهيوني الغاصب للأراضي المحتلة..