تقدير موقف

تقدير موقف حول مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة

مركز سونار الإعلامي، رؤية جديدة في مواكبة الإعلام الرقمي تابعونا على قناة اليوتيوب ليصلكم كل جديد

وصلت عملية المفاوضات المستمرة منذ عدة أشهر لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في قطاع غزة إلى محطتها الأهم وربما الأخيرة. وكان من الممكن للمفاوضات التي جرت قبل أسبوعين في الدوحة والأسبوع الماضي في القاهرة، بالتزامن مع جولة بلينكن الإقليمية، أن تغير المصير المستقبلي للتطورات بعد اقتحام الأقصى ولبنان وحتى المنطقة برمتها.

وبلغت دورة المفاوضات حداً أنه كلما زادت الضغوط الداخلية والأميركية على حكومة نتنياهو، وافق على إرسال فريق مفاوض إسرائيلي إلى المفاوضات. ومن ثم، ومع تقدم المفاوضات وزيادة التفاؤل بالتوصل إلى اتفاق، وبالتالي زيادة ضغوط المتشددين داخل الحكومة، سيطرح نتنياهو الشروط مرة أخرى ويضع العملية برمتها على الهامش، وفي الوقت المحدد بالضبط عندما كان الجميع يأمل، سوف يعطل العملية مرة أخرى.

نتنياهو، الذي سبق أن واجه هو وعائلته العديد من قضايا الفساد والانتهاكات في المحاكم الإسرائيلية وله صورته المشوهة في نظر الجمهور، يريد شراء الوقت لنفسه بالقتل والدمار حتى يتمكن من حل المشكلة. قصة الفشل الاستخباري المفاجئ في 7 أكتوبر، وأسر مستوطنين إسرائيليين، والتكلفة المالية والعسكرية المفرطة تستر على عدم القدرة على الوفاء بالوعود الكاذبة مثل تدمير حماس، وما إلى ذلك.

أبدت حماس خلال هذه الفترة مرونة مثل تغيير عبارة “وقف إطلاق النار الكامل” إلى “السلام الدائم” واختصار معادلة “إطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين مقابل حرية جميع الأسرى الصهاينة” في نص الاتفاق، لكن المفاوضات في كل منها الوقت الذي واجه فيه تعطيل نتنياهو وشروطه الجديدة.

ومن خلال تكرار نهج نتنياهو المذكور أعلاه وشروطه غير المعقولة، تعزز الاعتقاد بأن نتنياهو لا يبحث عن اتفاق في قطاع غزة، ويستخدم المفاوضات كتكتيك لإطالة أمد الحرب وقتل المدنيين وبقائه السياسي.

خلال هذه الأشهر من المفاوضات، كان التركيز الرئيسي لفريق حماس المفاوض هو انسحاب القوات العسكرية الصهيونية وتحقيق وقف كامل لإطلاق النار. لقد أعلنوا أولاً عن هذا الموضوع كشرط مسبق للدخول في أي مفاوضات حول قضايا أخرى وحاولوا وضعه في المرحلة الأولى من الاتفاق.

وبعد عدة جولات من المفاوضات والضغوط من قطر ومصر، عدل مسؤولو حماس أخيرا موقفهم ووافقوا على مبادرة الوسطاء وما يسمى بخطة “بايدن” (2 تموز/يوليو).

وبالفعل، وافقت حماس على التفاوض قبل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة مقابل ضمان أطراف الوساطة وقف الأعمال العدائية خلال المفاوضات (المادتان 8 و14).

ولم يوافق الجانب الإسرائيلي على هذه الخطة. والسبب الرئيسي لمعارضة نتنياهو لخطة بايدن هو إصراره على بقاء القوات العسكرية للنظام في محوري “نتساريم” (المحور بين شمال وجنوب قطاع غزة) و”فيلادلفيا” (المحور الحدودي بين قطاع غزة ومصر). وكانت القضية الأساسية في جولتي المفاوضات في الدوحة والقاهرة هي نفس القضية.
والحكومة الأميركية التي أعلنت أن هذه الجولة من المفاوضات هي “الفرصة الأخيرة للتوصل إلى اتفاق”؛ واقترحت خطة وسطية حول المفاوضات، لا تضمن «الانسحاب الكامل» للقوات العسكرية الإسرائيلية من قطاع غزة، ووفقاً لبنودها سيتم فقط تقليص وجودها في هذين المحورين.

وأعلن بلينكن خلال زيارته إلى تل أبيب الاثنين وبعد لقائه نتنياهو: “إسرائيل توافق على الخطة الأميركية”، وأكد مكتب نتنياهو تصريحه بإصدار بيان. وأكد وزير الخارجية الأمريكي في بيانه: “لقد حان دور حماس للموافقة على هذه الخطة”. في الواقع، وتماشياً مع مصالح النظام الصهيوني، قامت الولايات المتحدة بتغيير بنود خطة بايدن (التي تم إعدادها بناءً على المسودة التي اقترحها الصهاينة) وما يسمى بإلقاء الكرة في ملعب حماس. وتعتبر حركة حماس هذه الخطة الأمريكية الجديدة مبنية على مطالب الصهاينة، وأعلنت معارضتها “الرسمية” لها.

وردا على ذلك، أكد نتنياهو أيضا أنه لن يخرج تحت أي ظرف من الظروف عن شرط بقاء قوات جيش النظام في المحورين المذكورين. وفي الواقع، فإن حماس تتعرض لضغوط منسقة من الأميركيين والصهاينة والوسطاء القطريين والمصريين.

ويبدو أن نتنياهو لن يلتزم بشروطه. مع مرور أحد عشر شهراً من الحرب، لم يعد هناك أي أهداف عسكرية تقريباً في قطاع غزة، والهدف المعلن المتمثل في تدمير حماس، وفقاً لمعظم المحللين الصهاينة، بعيد عن المتوقع.

الانتصار الوحيد لنتنياهو في قطاع غزة هو بقاء الجزء العسكري الصهيوني في هذا القطاع والتأكيد على السيطرة الأمنية والعسكرية على محورين مهمين في قطاع غزة باعتباره الإنجاز الوحيد لهذه الفترة من الحرب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى