الازمة السياسية في تونس
الباحث في الجغرافيا السياسية في جامعة باريس عماد الدين الحمروني في حديث لمركز سونار الإعلامي:” إن الأحداث التونسية أحداث مليئة بالتغيرات ومليئة أيضا بالصراعات الداخلية والإقليمية والدولية. في المدة الأخيرة استقال الأستاذ توفيق شرف الدين وزير الداخلية السابق والصديق المقرب من الرئيس قيس سعيد وتم استبداله بالأستاذ كمال الفقي الذي كان محافظ مدينة تونس، وإن هذا التغيير هو يأتي ليناسب المرحلة. عندما قام الشعب التونسي بثورته كان ينتظر عودة الاستقلال والسيادة الوطنية والحريات العامة وإقامة العدالة الاجتماعية والدفاع عن القضايا العربية والقضايا الإسلامية. إلا أن الأحزاب التي حكمت تونس منذ عشر سنوات أحزاب تتفاعل وتتعاون وتتحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية أي مع دول تناهض الوحدة العربية والقضايا الإسلامية بالاضافة الى الانفتاح على العدو الصهيوني وارسال وتسفير آلاف الشباب التونسي الى معارك الولايات المتحدة الأمريكية في ليبيا والعراق وخاصة بسوريا . عندما بدأ رئيس الدولة منذ أسابيع في حملته ضد من هم متورطون حسب القضاء التونسي، جزء منهم كبير متورط في محاولة قلب النظام والتآمر على الأمن القومي التونسي، وجزء آخر متورط في سرقات المال العام. لذلك ربما كان مطلوبا في هذه الفترة شخصية على رأس وزارة الداخلية تكون شخصية حاسمة، ولن تكون شخصية تبحث عن حلول وسط. القراءة الأولى هي قراءة سياسية داخلية بالدرجة الأولى، ولكن المرحلة تستدعي وجود شخصية حازمة وحاسمة لكي يشعر المواطن التونسي والشعب التونسي أنه يسترد حقوقه في محاسبة الفاسدين، و بالتالي هذا التغيير هو تغيير يخدم مصالح الثورة التونسية. إن الشعب التونسي سئم الطبقة السياسية لأنها لم تحقق أي أهداف لثورته ولم تحقق الرفاه الاجتماعي ولم تحقق العدالة الاجتماعية المطلوبة ولم تحقق السيادة الوطنية. بالتالي إن هذه الثورة هي ثورة شعبيه وليست مؤامرة أمريكية، هي ثورة شعبية سمي بعدها الربيع العربي. الا أن الولايات المتحدة الامريكية استطاعت أن تستثمر قواها في هذا الربيع. إن القوى المناوئة للشعب التونسي انقلبت على الثورة التونسية، وجاءت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بالإستعانة بقطر وتركيا وغيرها من البلدان في تلك الفتره، واستعملت تلك القوى لتفريغ مبادئ الثورة التونسية من مضمونها وإفشالها. وبالتالي أصبحنا نعيش بين شعب فقد الثقة في مسؤوليه وبين نخبة سياسية تتعاطى العمالة بشكل مباشر وبشكل مفضوح. إن الطبقه السياسية القديمة كان يقودها الأستاذ راشد الغنوشي رئيس حزب النهضة. هذا الحزب الذي حكم مع أحزاب يسارية وأحزاب بعثية وغيرها من الاحزاب، تشكلت بصور أخرى وبعناوين أخرى. حكم الغنوشي على مدى عشر سنوات ولم يقدم أي شيء للمشروع الوطني التونسي، بل على العكس تماما أغرقت تونس في المديونية وبالعمليات الإرهابية وبالانقسام في الشارع التونسي. وعليه، ليس لدى الشعب التونسي اليوم وسائط بينه وبين الدولة التونسية. هذه الدولة العميقة يقاتل من أجلها المستعمر وهو الآلة الإعلامية الأمريكية والأوروبية، البنك الدولي و صندوق النقد الدولي. هذه الأدوات وآليات الضغط والهيمنة الأمريكية تقاتل في الداخل التونسي من خلال نخبة تونسية عميلة. وتزامنا مع عيد الاستقلال في تونس، يطالب الشعب التونسي اليوم بمحاسبة كل من دمر وسرق مستقبله وامنه القومي وأحلامه ويرفض رفضا قاطعا التدخلات الأجنبية”.
على الصعيد اللبناني
“إن الوضع اللبناني مختلف تماما عن الوضع في تونس، لأن النظام في لبنان يعتمد على التقسيم الطائفي الا أنه يحتوي ايضا على نفس النخبة النيوليبرالية الإقطاعية الطائفية المرتبطة بالدوائر الغربية الأجنبية. يقوم الشعب التونسي بثورته كل عشر سنوات وعندما يحقق النصر يضع نفس النخبه العميلة في الحكم، فتعود هذه النخبة من جديد إلى الارتزاق والعمالة مع الغرب. وبالتالي نحن لدينا أزمة نخبة وليست لدينا أزمة شعب. لذلك في بلادنا العربية يتفوق الشعب على تلك النخب وهذه من التناقضات الكبرى، لذلك تنجح حركات المقاومة في العراق ضد الاحتلال الأمريكي وفي لبنان ضد الوجود الإسرائيلي في فلسطين”.